تصويبات في التربية الجماليّة

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

ما هي مقوّمات التوازن في التربية الذّوقية الجمالية الأدبية؟ ذوقك سليم، لأنك أدركت أن في السؤال خللاً ما، كان يجب طرحه بأسلوب أسلس وأقوم، يبقى أن عناصره ضروريّة. المسألة تشبه مجموعة الورود التي يمكن تنسيقها على نحو أجمل. فليكن القارئ شريكاً.
أخطر خطأ ترتكبه التربية الجمالية، في البيت أو في المدرسة، هو مجاراة الموضات الفنّية، الأدبيّة، بشتى مدارسها وتياراتها. تخيّل الكارثة، التي يقترفها المربّي، بأن يتوهم أن قصيدة النثر والشعر الحداثوي والقصيدة المضادّة وما لفّ لفّها، هي قمم التطور الطبيعي للشعر، فيُلقي بالبراءة الذوقية لدى الأطفال إلى التهلكة. الأمر لا علاقة له بالمفاضلة. العاهة تشبه اختزال أجناس الموسيقى العالمية، في موسيقى المونتاج، أو«الهيفي ميتال»، أو الموسيقى اللاّمقاميّة، فتقصي أنواع الموسيقى الجادة، الموسيقى السمفونية بالذات، أو أن تلغي الروائع التي أبدعها الأساطين العرب، فلا تُبقي إلاّ على ما خلا من القيم الجمالية في الكلمات والألحان.
إذا كان الجدل العقيم سيمتدّ إلى حدود التهريج والمقارنة بين الأقطاب من قامات باخ، موتزارت، بيتهوفن، وبين موسيقى المونتاج (صرير عجلات سكة الحديد، قرع مطارق، احتكاك صينيّة ألومينيوم بسطح عليه رمل...) فالانسحاب من النقاش علوّ همّة. من العبث التمادي في مجادلة من لا يفهم الفارق بين ديوان الغزليات الصوفية لجلال الدين الرومي، وبين التجريبيّة الفنتازيّة للنصوص الدادائية والحداثوية وما بعد الحداثوية. التطوّر الطبيعي له موازين في علم الجمال وفلسفة الجمال، فالذوق الجمالي لا يخرج بحال عن قوانين الكون، وأساسها الفيزياء. التطور الطبيعي، حتى حين يكون داءً، فإنه يحافظ على الموازين الجمالية. مثلاً: أصل كل الورود في الأرض، حبّة فراولة تعفّنت. الله. كل الطيور الموجودة اليوم، إنما هي وارثة الدناصير، النعام والحمام، الصقور والنسور، الدجاج والدرّاج، العقبان والغربان. يقول جلال الدين: «الغراب والطاووس كلاهما على نصيب من جماله.. الغراب ليس خلواً من الجمال ولو كان بلا زينة». تأمّل الفارق بين الزينة والجمال!
الزلل التربوي، هو توهّم أن إلغاء القيم الجماليّة الكلاسيكية في تنشئة النشء الجديد، يجعله متطوّرا عصريّاً في ذوقه، بينما أوزان الميراث الشعري، هي إيقاعات قوامها رياضيات، لأنها تقسيم الزمن إلى وحدات، وهل تغدو الرياضيات قديمة بالية؟ ولكن كثيراً من المثقفين لا يعلمون.
لزوم ما يلزم: النتيجة التوعوية: دعم رائع للرياضيات في دماغ الطفل، أن يحفظ نماذج من كل أوزان الشعر الكلاسيكي العربي. الإيقاع رياضيات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/ynsupfve

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"