غلاسنوست وبيريسترويكا مع الخليل

00:04 صباحا
قراءة دقيقتين

هل تسمح بإضافة هذه الخاطرة إلى شجون الإيقاع في الشعر العربي؟ بضعة أسئلة إلى عالِمنا الجليل الخليل الفراهيدي. هو لا يعرف غورباتشوف، لكننا سنطالبه بشيء من الشفافية (غلاسنوست) وشيء من إعادة الهيكلة (بيريسترويكا).
أستاذَنا الفاضل: لا ينصرفنّ ذهنكم الألمعي إلى أننا نتطاول على بروج أبراج علمكم السامقة الشاهقة، فكل ما هنالك أن أبناء زماننا، غفر الله لهم، بهم لوثة عقلية تسمّى المنهجيّة الموضوعية، وهو نهج يتبعونه في المباحث العلمية، سوى أنه لا يخلو من الوقاحة، فهم لفساد في النوايا والطوايا لا يصدّقون بغير دلائل وبراهين، مثلاً أن علّامتنا المبجّل، ذا الرأي المحجّل، جاءه رجل في منامه، فألهمه طريقة تقطيع الشعر. ومن خبائث ما يسمّونه البحث العلمي الاستقصائي، وهو عند ثقات النقل بغير عقل، والرواية بغير دراية، من الكبائر، تصديقهم ما أورده بالشرح المفصل أبو الريحان البيروني في كتابه: «تحقيق ما للهند من مقولة.. مقبولةٍ في العقل أو مرذولة»، حين صحب محمود الغزنوي في غزو الهند.
أيّها العلّامة: نحن على يقين من أنك جبل ما طاولته الجبال، وذُراه لا تُبلغ بالسلالم والحبال، لكن رحابة صدرك ستتسع لهذا السؤال اليسير: لا جدال في أن أهل الشعر والذوق الشعري، لم يعرفوا شيئاً قبل الإسلام من أنظمة التعليم والمكتبات وكتب العروض والقوافي، فكيف كانوا يميّزون الأوزان بشتى إيقاعاتها؟ أستاذنا يعلم أن الجاهلي لو لم تكن له أذن موسيقية، وطريقة إيقاعية مُموسقة في إلقاء الأوزان وترديدها، لاحتاج الشاعر إلى ألف سنة، لاكتشاف وزن عجيب مثل إيقاع المنسرح: «مستفعلن مفعولاتُ مفتعلن». في كثير من الأحيان تصير «مفعولاتُ»: «فاعلاتُ»، ومنها لابن الرومي: «يا مددي حين خانني مددي»: (يا مددي، مفتعلن، حين خان، فاعلاتُ، ني مددي، مفتعلن).
أستاذَنا الجليل: يقول المثل الشعبي لدينا: «جاء يكحّلها عماها». شعر الهند، غير الألفي شاعر الذين كتبوا أشعارهم بالفارسية، فكل الأوزان والبحور الفارسية عربية الأصل، ما عدا الرباعي، وهو وزن: «يا غصن نقا مكللّلاً بالذهبِ»، ميزانها القدم مثل الأشعار اليونانية والأوروبية. شعرنا العربي إيقاعاته أساسها التفعيلة. أهل المنهجية، يطالبون رحابة فكركم بالشفافية وإعادة الهيكلة. عليك إعادة النظر في مرجعيّة الأحلام. التفعيلة شيء، وتقطيع الشعر بالأسباب والأوتاد شيء مختلف. حتى أسماء: العروض، السبب، الوتد، السنسكريتية عرّبتم أسماءها. يبدو أن الحلم كان محاضرة مع سبّورة.
لزوم ما يلزم: النتيجة الفكريّة: يجب اختراع منهجية تضيف الأحلام إلى مراجع البحث العلمي.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5db43jyb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"