التزام طويل لا يقدّر بثمن

من دون شك أن القراءة لها فوائد كبيرة وواسعة، ولعل من أهم تلك الفوائد أنها تمنحك خبرات ومهارات حياتية، لم يكن الحصول عليها ممكناً إلا بعد سنوات طوال من العمل والتفاعلات الاجتماعية. ويمكن القول إن القراءة هي السهل الممتنع، أو هي الفعل البسيط، لكن في نفس اللحظة الثقيل.
ومع هذا، من الأهمية تجاوز مثل هذه الموانع، والقفز على أي عائق يمكن أن يحد من القراءة، لأن في تجنب القراءة حرماناً للنفس والعقل، من معلومات وخبرات، ومهارات، ودروس، لا تقدر بثمن. القراءة عند الأطفال تحديداً، تكتسب أهمية أعظم وأكبر، لأن الطفل الذي يقرأ منذ نعومة أظفاره، هو طفل مفكر، لديه معلومات، لديه خبرات، تتجاوز عمره الزمني. الطفل الذي يقرأ هو طفل ذكي، لديه عقل نشط، ولديه قدرات لغوية، ومعرفية، أكبر من عمره بكثير.
والسؤال الذي في العادة يطرحه الآباء والأمهات، كيف نعوّد أطفالنا على القراءة؟ لأنهم يملّون بسرعة، ويتركون الكتاب، ونتعب من مراقبتهم، ومن تهرّبهم الدائم. وهذا السلوك من الطفل بديهي وطبيعي، فالطفل ينزع إلى الحركة، والنشاط البدني، أو يحب مشاهدة أفلام الكرتون، لكن بالقدوة والمثال الحسن من الأب والأم، يمكن للطفل التوجه نحو القراءة، عندما يشاهد أمه وأباه يقرآن، فإنه سيلتقط الكتاب ويحاول التقليد، ومن هنا تكون البداية، حتى وإن كان الطفل في مرحلة عمرية أكبر، وتجاوز التقليد، فإن تأثير الأم والأب، وهما يقرآن كبير، فيه توجيه رسالة له بأهمية هذه الممارسة، وفوائدها. 
أيضاً من الأهمية أن تكون البيئة داخل المنزل جاذبة للقراءة، من خلال وجود مكتبة صغيرة في غرفة الطفل نفسه، أو في صالة المنزل، تضم قصص الأطفال التي تتناسب مع عمره، ومشاركة الطفل في اختيار نوع الأرفف للمكتبة، والصناديق لتخزينها. ومن هنا يمكن تحديد وقت مخصص للقراءة، حتى يصبح جزءاً من عمل ونشاط الطفل، ويتعود عليه.
وعند اختيار الكتب، فمن الأهمية مشاركة الطفل، وأن يكون له اختياراته، ولا ننس الأنشطة الاجتماعية، مثل معارض الكتب، وأهمية زيارتها، والتجول في أرجائها، لأن هذه الأنشطة توضح للطفل أهمية القراءة.
تعويد الطفل على القراءة التزام طويل الأمد، لكن الفوائد كثيرة، ومتعددة، ومتنوعة، ولا تقدر بثمن.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com