«اليوم التالي» فلسطينياً

00:13 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

تتجنب حكومة بنيامين نتنياهو الحديث عن «اليوم التالي» بعد حربها المدمرة على قطاع غزة، لأنها لا تعرف متى يكون «اليوم التالي» في الحرب التي تقترب من دخول شهرها الرابع، وهي حتى الآن لم تحقق أياً من أهدافها المعلنة بالقضاء على «حماس»، واسترداد الأسرى والمخطوفين، وإنهاء الخطر الذي تشكله المقاومة على أمنها، وهي تعلن رفضها لحل الدولتين، وتعمل على تقسيم القطاع وإقامة منطقة منزوعة السلاح، وترفض تسليمه إلى السلطة الفلسطينية، وهي أهداف صعبة التحقق أيضاً طالما أن الحرب لم تنته، وطالما هناك مقاومة لاحتلالها.

وفي الجانب الأمريكي الذي يمنح إسرائيل المزيد من الدعم العسكري والسياسي ويرفض وقف إطلاق النار لتمكين تل أبيب من تحقيق أهدافها، فإن الإدارة الأمريكية في الوقت نفسه تسعى لإقناع إسرائيل بالانخراط في عمل سياسي لملء ما بعد «اليوم التالي» وفق رؤية تدعو للتخلي عن محاولات الضم والاحتلال والتهجير، والبحث عن حلول مع السلطة الفلسطينية ودول الجوار، خصوصاً مصر والأردن، والتعلم من التجربة الأمريكية المريرة في أفغانستان والعراق.

ويبقى الجانب الفلسطيني، وهو محور ما يخص «اليوم التالي». فالحرب على غزة سوف تضع أوزارها في نهاية المطاف، وما بعد «طوفان الأقصى» يجب ألا يكون كما قبله، وهو حدث تاريخي ومفصلي يجب أن يفتح أبواب التغيير على الساحة الفلسطينية بشكل يتناسب مع ما تحقق من ضرب لمفهوم الأمن الإسرائيلي وإظهار القدرة على الصمود والمواجهة.

الفلسطينيون يعيشون لحظة تاريخية فارقة، إما أن يتمكنوا من استثمار ما تحقق بوضع القضية الفلسطينية مجدداً في قمة اهتمامات العالم، أو الخضوع إلى ترتيبات تفرض عليهم من الخارج، والعودة إلى عهود الوصاية والرضوخ للخيارات الأمريكية والإسرائيلية.. وهذا ما يجب أن يبادر إليه الجميع الآن بالعمل على تحديد الأولويات الوطنية المستقبلية، بالمباشرة في حوار وطني شامل، وتوسيع المشاركة بما يشمل مختلف القوى، وأماكن اللجوء والشتات، وتشكيل قيادة موحدة، وإنهاء حالة الانقسام مرة واحدة وإلى الأبد، ووضع برنامج وطني يستجيب للتطورات الأخيرة، ويحشد كل الشعب الفلسطيني وراء أهداف التحرير، وإنهاء العدوان والانسحاب الإسرائيلي الكامل، ووقف الاستيطان والتهويد والتهجير، والتفاوض على تبادل الأسرى على أساس «الكل مقابل الكل»، وهذه الأهداف يجب أن تشكل قاسماً مشتركاً لكل الفلسطينيين، طالما أن حكومة نتنياهو تضع الفلسطينيين في الضفة والقطاع في سلة واحدة باعتبارهم يشكلون خطراً على أمن إسرائيل.

انطلاقاً من ذلك، وكي لا تضيع الإنجازات والتضحيات الهائلة، وسعياً لاستثمار صحوة الضمير العالمي، بحيث لم تعد القضية الفلسطينية مجرد مأساة تستحق الشفقة، بل أصبحت قضية تؤرق العالم، يجب وضع حد فوري للانقسام، وإعادة بناء المؤسسات الفلسطينية: السلطة، ومنظمة التحرير، والمجلس الوطني، والمجلس المركزي على أسس وطنية ديمقراطية من دون إقصاء أحد، ومن خلال انتخابات حرة وشفافة تضع حداً للانقسام والفصائلية والمحسوبية، باعتبار أن هذه المؤسسات أثبتت فشلها وباتت تشكل عبئاً على القضية الفلسطينية التي تحتاج إلى مؤسسات قادرة على تحمل تحديات المرحلة المقبلة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2njvvr77

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"