من يقيم الدولة الفلسطينية؟

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

كلام كثير تم استهلاكه خلال الأشهر الثلاثة الماضية حول ضرورة قيام الدولة الفلسطينية، خصوصاً بعد «عملية طوفان الأقصى» والقصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، باعتبار أن هذه الحرب هي نتيجة الفشل الدولي في تنفيذ قرارات الشرعية الدولية في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وتنصل إسرائيل من كل الاتفاقات الموقعة مع الجانب الفلسطيني، ومن بينها اتفاقية أوسلو التي تتحدث عن دولة فلسطينية بعد أربع سنوات من تطبيق الاتفاق.

خلال السنوات الماضية حدث شبه تواطؤ بين الإدارات الأمريكية المتعاقبة وإسرائيل على تجاهل حل الدولتين، من خلال مفاوضات عبثية استمرت خمسة وعشرين عاماً بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، لعبت خلالها الولايات المتحدة دور «الوسيط النزيه» لتمكين إسرائيل من استكمال خطوات التوسع والتهويد في الضفة الغربية المحتلة، وفرض أمر واقع يجعل من قيام دولة فلسطينية مستحيلاً.

يتجدد الحديث الآن عن ضرورة قيام الدولة الفلسطينية على وقع الحرب على قطاع غزة والمجازر اليومية التي ترتكبها القوات الإسرائيلية بحق المدنيين، ومن بين من جددوا الحديث عن ضرورة قيام الدولة الفلسطينية الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي دعا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى تغيير حكومته التي وصفها بأنها الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل.

يحاول الرئيس بايدن تحييد نتنياهو عن حكومته التي «بدأت تفقد الدعم الدولي»، وكأن نتنياهو لا يقف عقبة في طريق التسوية، وهو كلام يجافي الحقيقة تماماً باعتبار أن نتنياهو هو من يقود معركة عدم قيام دولة فلسطينية، وأن أعضاء حكومته مجرد أوركسترا في فرقته.

إن الكلام عن الحل السياسي على أساس حل الدولتين هو مجرد تعبير عن وجهات نظر لوضع حد للصراع في المنطقة، ذلك أن حل الدولتين يحتاج إلى طرفين يقبلان به مثل «رقصة التانغو»، وما دامت إسرائيل ترفضه، والولايات المتحدة تؤيدها والدول الغربية غير جدية، والأمم المتحدة عاجزة عن تفعيل قراراتها، فإن حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية يبقى مجرد حرث في البحر.

كل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة ترفض هذا الحل ومن بينها الحكومة الحالية.

ومنذ بداية الصراع لم تقدم إسرائيل أي مشروع للحل، بل أجهضت كل الجهود والمبادرات الدولية والعربية، ذلك لأنها لا تؤمن بالحل السياسي أساساً وترى في الدولة الفلسطينية خطراً على وجودها، وكان نتنياهو صريحاً عندما قال مؤخراً «أنا فخور لأنني منعت إنشاء دولة فلسطينية». يُذكر أنه عندما كان نائباً في الكنيست عام 1993 أعلن معارضته لاتفاق أوسلو، متحدثاً عن «الجذور التاريخية والتلمودية للشعب اليهودي في الضفة الغربية والقدس وبيت لحم والخليل»، وحينها اتهم نتنياهو من «يتنازل» عن القدس بالخيانة. وقد التزم بهذا الموقف منذ أن تولى رئاسة الحكومة لأول مرة عام 1996.

إن رفض حل الدولتين مبدأ مترسخ في مسيرة نتنياهو ومعظم القادة الإسرائيليين ومن بينهم أعضاء الائتلاف الحاكم الحالي، من منطلق الدمج بين السياسي واللاهوتي والتلمودي.

السؤال: من يجبر إسرائيل على حل الدولتين؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/ye26tthd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"