صدمات الحياة تمسنا جميعاً

العقبات الحياتية، والصعوبات التي تعترضنا عديدة ومتنوعة، بينها البسيطة والعابرة، وهناك القاسية شديدة الوقع، والتي نحتاج لفترة زمنية لتجاوزها، وهناك ما لا يمكن تجاوزها إلا بمؤازرة ووقوف الأحبة معنا، أو حتى الحاجة للعلاج للخروج من تبعاتها المرهقة المدمرة.
وأتحدث تحديداً عن الصدمات الحياتية، والتي عرّفتها المعالجة النفسية في جنوب إلينوي الأمريكية، الدكتورة جينيفر غيرلاخ، المتخصصة في الذهان واضطرابات المزاج والصحة العقلية، وأيضاً مؤلفة كتاب مصنف الذهان واستعادة الصحة العقلية، حيث قالت: «يمكن تعريف الصدمة بأنها أي حدث يلحق الضرر النفسي أو الاجتماعي أو الجسدي بالشخص. العديد من تجارب الحالة الإنسانية، مثل المرض، والخسارة، والطلاق، والكوارث الطبيعية، والقسوة، يمكن أن تكون مؤلمة».
والصدمات الحياتية القاسية، أو شديدة الوقع، قد لا يكون لنا فيها أي سبب، أو قدرة على تبديل مسارها أو تصحيحه، هي تقع كما هي وتذهب، وتترك آثارها المدوية على النفس التي تمرض، ومعها من الممكن أن يمرض الجسد نفسه.
مثلاً، حالات الوفاة لأناس مقربين منا، تعتبر صدمة، تسبّب حزناً بالغاً، وليس باليد فعل شيء سوى الاستسلام والرضا والتقبل، ولكن التقبل، في تلك اللحظة صعب جداً، وقد سمعنا وقرأنا عمن توفاه الله، بعد وفاة زوجته، أو أمه، أو غيرهما من الأقارب، بسبب حالة الحزن الشديد.
أيضاً هناك صدمات قاسية لا سبيل لنا إلى تغيير مجراها، مثل الطلاق، والذي قد يكون مدمراً لأحد الزوجين، خاصة إن وقع بسبب موقف فيه إجحاف وظلم للطرف الآخر، هنا يكون وقع الانفصال مدوّياً وقاسياً جداً؛ لأنه، فضلاً عن تدمير الحياة الزوجية والعاطفية، فإن السبب فيه ظلم وقسوة، وعدم تحقق، ومعظمنا قد سمع بقصص وقعت. أيضاً من تلك الصدمات أن تحسن لشخص وتوليه الرعاية والاهتمام، ثم يتنكر لك، وترى في عينيه الكراهية والبغض لك، دون سبب. الصدمات الحياتية كثيرة، وما تحمله من قسوة، على النفس والعقل والروح، عارم وبالغ الأثر.
قالت الدكتورة جينيفر غيرلاخ: «هل هناك أحد خالٍ من الصدمات؟ إن صدمات الحياة تمسنا جميعاً». لذلك، لا تعتقد أنك في معزل أو في حماية من التعرض لصدمة واحدة على الأقل في حياتك، وقد تكون هذه الصدمة قاسية ومدمرة، لذا يجب علينا فهم هذا الجانب، فهم معنى الصدمات، والتي لا يد لنا فيها، ولكنها قدر حتمي يجب الاستعداد له، والعمل على حماية النفس من التأثر البالغ.
[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com