عمليات الإبداع، وما يصاحبها من مبتكرات ومخترعات، تتطلب أرضية مناسبة للنمو عليها، أعتقد من أولى المهام المنوطة، التي اعتقد أننا نتفق عليها، هي حركة تعليمية معرفية قوية وشاملة ودقيقة، ويمكن أن نبني على الحاجة إلى عملية تعليمية عملية وليست نظرية، بمعنى أن ندخل جزئية جديدة في حركة التعليم، لتتحول إلى عملية متحركة تنطلق من الواقع، ودون شك أن لدى المختصين في هذا المجال العديد من الآراء ووجهات النظر، لكن ما أشير إليه، أن تصبح العلوم على اختلافها مثل: الرياضيات، الكيمياء، الفيزياء... إلخ، مواد يتم تعليمها في المختبرات، ووفق التجربة العملية، وأن نخرج قليلاً من عمليات التعليم النظري، وما يرافقها من تلقين وحفظ دون فهم أو دون معرفة لعمقها وآلية عملها.
أما الجانب الثاني المهم، فهو التركيز على الحاجة المجتمعية، لاختراع أو ابتكار، في شأن حياتي ما، على سبيل المثال، هناك حاجة لتطبيق يسهل الخدمات الصحية أو التعليمية أو نحوها، عندما يتم تصميم التطبيق وتجربته، سيكون هناك تفاعل ومبادرات ومقترحات، لأن الحاجة ماسة، إذاً يجب أن تكون للإبداعات والمخترعات والابتكارات، مظلة مجتمعية، فضلاً عن الحاجة، لأن أي مخترع دون أن تكون له حاجة، أو دون أن يحدث أثراً سيكون بلا قيمة.
البروفيسور آر إيه بوكانان، أستاذ تاريخ التكنولوجيا في جامعة باث البريطانية، ومؤسس مركز تاريخ التكنولوجيا، المركز الذي أسهم بدور إيجابي في تاريخ التكنولوجيا، وأيضاً هو مؤلف كتب عدة تتناول تاريخ التكنولوجيا، وعلاقتها بالإنسان. يقول: «ثمة قواعد يمكن استخلاصها بشأن عملية الابتكار، أولاً: إن أي ابتكار إنما يجري تصوره داخل منبت اجتماعي قائم، والذي من شأنه، إلى حد ما، أن يحدد خصوصياته، ونحن هنا نقرر ما هو واضح لأن الإبداع البشري محدد اجتماعي بالضرورة، حيث الأفراد موجودون بداهة داخل المجتمع، ومن ثم فإن ابتكاراتهم تغدو غير ذات قيمة إذا لم تكن مقبولة من المجتمع، وهذا ما يتعين إيضاحه، حتى لا نقع في شرك اعتبار المخترعين، وإبداعاتهم عملاً خارج الوسط الاجتماعي، ومن ثم نفسر تاريخ التكنولوجيا كخيط من الاختراعات مقطوعة الصلة بالبيئة».
إذاً نحن بحاجة إلى حركة تعليمية حديثة، تنتقل إلى المعامل والمختبرات، والساحة العملية، وأن يكون التعليم عملياً ومتحركاً وتطبيقياً، ونحتاج إلى مخترعات ومبتكرات، تنطلق من الحاجة، وهدفها خدمة الناس، أعتقد أنه بمثل هذين الجانبين، سنحقق الكثير من النجاحات والتميز.
