مع التسارع في التقنيات الحديثة، وتطور شبكة الإنترنت، وما حدث في مجالات الاتصالات من قفزات كبيرة وواسعة، ودخول حقبة الذكاء الاصطناعي، ظهرت هذه التقنيات من معدات وأجهزة حديثة ومبتكرة وتطبيقات متنوعة ومتعددة، لتسهم في الإدارة والتحديث ومواصلة النمو والتطور.
تبعاً لهذه الحالة التطورية، حدثت فجوة، تسمى الفجوة الرقمية، وهي ملاحظة وموجودة في عدة بلدان بمختلف أرجاء العالم، وهي تعني أن هناك تبايناً بين الناس في اكتساب المهارات الحديثة ومعرفتها، وإجادة التعامل معها واستخدامها. هناك فئات في بعض المجتمعات لم تواكب هذه التقنيات، ولم تطور معرفتها، ولا معلوماتها، وبالتالي تعاني صدمة رقمية أو عجزاً عن الإلمام بها، فعلى الرغم من وجود بعض التقنيات التي يراها بعضهم سهلة، بل مساهمة في تبسيط الحياة، وتقديم حلول لمشكلات كبيرة، وركيزة في التطور والتقدم؛ فإن هناك فئات تعاني أمية تامة وعدم معرفة بهذه التقنيات.
مثل هذه الحالة لها أثر بالغ وكبير، في جوانب عديدة؛ مثل الاقتصاد والمجتمع والتعليم وغيرها. ومسببات هذه الفجوة عديدة؛ مثل المستوى التعليمي والدخل المادي والمرحلة العمرية والموقع أو البلد، ومدى تطوره التقني وغيرها من المسببات.
ولهذه الفجوة أثر بالغ في عدة جوانب حيوية من التنمية، وضررها ليس على الفرد فحسب، وإنما الصعوبات ممتدة وعامة وشاملة.
لذا على البلدان التي تعانيها الاستثمار في التعليم، وزيادة المعرفة بالجوانب التقنية، ومختلف العلوم التكنولوجية الحديثة، وهو ما يعني إدخال هذه التقنيات في المناهج التعليمية، لتصبح جزءاً من التحصيل المعرفي على مختلف مراحله، خاصة إذا علمنا أن لهذه الفجوة أثراً في تزايد البطالة تحديداً، على سبيل المثال، في عام 2023 صدر تقرير عن منظمة العمل الدولية، بعنوان «الفجوة الرقمية والتوظيف»، جاء فيه أن معدل البطالة بين الأشخاص الذين لا يمتلكون مهارات رقمية كافية، يصل إلى نحو 25% في المتوسط.
صحيح أن ردم هذه الفجوة تحدٍ، وفيه صعوبات، لكن معالجتها ليست بالأمر المستحيل، ولا بالصعب، لكن يتطلب تضافر الجهود، وحلولاً شاملة وجديدة ومبتكرة، هذه الحلول مهما كانت كلفتها، سواء من الجهود والطاقات البشرية، أو من خلال الصرف المادي، فإنها تكون أقل بكثير من الآثار والتبعات لتنامي هذه الفجوة وانتشارها. ويمكن، للبلدان المتعثرة الاستفادة من تجارب وخبرات الدول التي فيها توازن رقمي، وانتشار للتقنيات الحديثة، وتطور في مجالات الذكاء الاصطناعي، مثل الإمارات التي تعد رائدة في هذه المجالات، ولديها خطط تنموية واقتصادية قوية.
