اليوم التالي

00:19 صباحا
قراءة دقيقتين

يتحدث بعضهم عن أن أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، لقي في أحدث جولاته بالمنطقة العربية الأسبوع الماضي ما يقترب من الإجماع العربي على رفض الخوض في ترتيبات متعلقة بالقضية الفلسطينية من غير وقف دائم لإطلاق النار ينهي مأساة غزة التي سجلت مئة عام من الفظائع بحق الإنسانية.

وغزة هي الآن، بحكم ما يجري فيها، هي منطلق الحديث عن ترتيبات القضية، وهو أمر كانت إسرائيل تثق بأنه سيحسم بعد أسبوع على الأكثر من بدء التصعيد في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

مبعث هذه الثقة التي تزعزعت كان تصور إسرائيل، وهي تبدأ عملياتها العسكرية في القطاع، أنها قادرة على استعادة رهائنها، وتدمير «حماس» خلال أيام، وتهجير سكانه إلى دول أخرى. ومن هنا، بدأ الحديث الإسرائيلي مبكراً عن «اليوم التالي»، أي اللاحق على محو الحركة وتفريغ غزة من سكانها، بما يتطلب ذلك من الترتيب لشكل إدارتها، بل إن المسؤولين الإسرائيليين امتلكوا رفاهية رفض صيغ قيل إنها متداولة لحكم القطاع من قبيل تصدي السلطة الفلسطينية لذلك. ورغم كل العنف الذي استهدفت به، ولا تزال تفعل، غزة، باعدت الأيام المئة بين إسرائيل وأهدافها، فلم تستعد من الرهائن إلا ما سمح به التفاوض مع «حماس»، ولا تزال الحركة قائمة يحصي كثيرون «انتصارات» لها، أقلها احتمال كل الضربات الإسرائيلية والرد عليها بما لا يتناسب مع قدرات الطرفين، رغم الأثمان الإنسانية الباهظة.

إسرائيل الآن هي التي تعاني ضغوطاً في الداخل، إن لم تكن نابعة من الخلافات بين نخبها السياسية والعسكرية، فمن ضجر أُسر الرهائن الذين تتضاءل لديهم كل يوم فرص استعادتهم في المدى المنظور. قد يكون تأخر حسم إسرائيل للمعركة ما دفعها للتعويض باستهداف قيادات لحركة «حماس» و«حزب الله»، خارج الأراضي الفلسطينية، وتوجيه ضربات للجنوب اللبناني وسوريا، وربما إيران، في محاولة لإرضاء الداخل الإسرائيلي مؤقتاً أو تهدئته بانتصارات غير التي ينتظرها. كل هذه التفاعلات وما جرّته من تصعيد في البحر الأحمر لا شك يقلق الجانب الأمريكي الذي شارك إسرائيل ثقتها بإنهاء ملف غزة بسرعة، وتسابق ممثلوه في زيارة المنطقة لإعلان مساندة تل أبيب من جهة، والترتيب لما بعد انتصارها من أخرى.

لم تمض الأمور كما اشتهى الجانبان الأمريكي والإسرائيلي، والفظائع الإنسانية في غزة أنطقت مسؤولين غربيين وأمميين بعبارات الإدانة والتحذير من العواقب. والآن، يعود مصطلح «اليوم التالي» للحضور، لكن بعد أن تغيرت المعطيات التي أنتجته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/bdzbx7kk

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"