الأدب والذكاء الاصطناعي

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

لم تجد الكاتبة ري كودان، الفائزة بأرقى جائزة أدبية في اليابان، المعروفة باسم «أكوتاغاوا»، حرجاً في القول إن برنامج الذكاء الاصطناعي التوليدي «تشات جي بي تي» تولى كتابة نحو 5% من عبارات روايتها، وأنها أوردتها حرفيا، مضيفة أن ذلك ساعدها على إظهار قدراتها في مجال التأليف.

في إقرارها بدور الذكاء الاصطناعي في مساعدتها على كتابة الرواية، قالت الكاتبة البالغة من العمر 33 عاماً، إنها استخدمت كل إمكانات هذا الذكاء لإنجاز الرواية التي حملت عنوان «طوكيو- تو دوجو- تو»، ومعناها بالعربية «برج الرحمة في طوكيو»، وإنها تجري باستمرار محادثات مع «تشات جي بي تي»، وتخبره «بأفكارها الشديدة الخصوصية، والتي لا تستطيع التحدث عنها مع أي شخص آخر»، وإن ردود البرنامج ألهمت، أحياناً، حوارات في الرواية، وإنها تريد الحفاظ على «علاقات جيدة» مع البرنامج، و«إطلاق العنان لإبداعه».

صحيح أن اعتراف الكاتبة جاء بعد إعلان فوز روايتها بالجائزة، لا قبله، ولكن كان يمكن لهذا الاعتراف لو أنه جرى قبل أعوام قليلة أن يثير زوبعة كبيرة من الاستهجان، وسيتساءل الكثيرون عن مدى «إبداع» الكاتبة في وضعها بالصورة التي انتهت إليها، للدرجة التي حملت لجنة التحكيم على القول إن الرواية «تبلغ درجة من الكمال يصعب معها العثور على أي خلل فيها». الحقيقة أنه حتى في هذه المرة لم يمر الأمر من دون ردود فعل، ورغم أن المنظمة المسؤولة عن جائزة أكوتاغاوا رفضت التعليق على ما جرى، فإن الآراء على شبكات التواصل الاجتماعي انقسمت بين من اعتبر أن ما فعلته كودان غير جائز أخلاقياً، وكتب أحدهم: إن الكاتبة «كتبت رواية باستخدام الذكاء الصناعي بمهارة، لكن هل هذه موهبة؟»، وبين من أشاد ببراعة الروائية والجهود التي بذلتها خلال حواراتها مع البرنامج لاستخلاص النصوص.

ما جرى أعاد إلى دائرة الاهتمام النقاش حول الدور المستقبلي للذكاء الاصطناعي في الكتابة الإبداعية، مع أن الأمر ليس جديداً تماماً، حيث تتوفر كتب للبيع أُدرج عليها اسم «تشات جي بي تي» كمؤلف مشارك، من خلال خدمة النشر الذاتي للكتب الإلكترونية في «أمازون»، لكنها توصف بأنها ذات نوعية رديئة، ولعلّ الجديد في أمر الرواية اليابانية الفائزة هو إشادة لجنة التحكيم بها، حتى أنها وجدت من الصعب العثور على خلل فيها، ما يضفي وجاهة على السؤال حول ما إذا كان يمكن «للتعاون» بين كاتب موهوب والذكاء الاصطناعي أن يقدّم أعمالاً ناجحة، وهنا أيضاً سيثار سؤال تالٍ عن السبيل لمعرفة لمن كانت الحصة الأكبر في كتابة العمل المعني، أهو الكاتب، أم «تشات جي بي تي»؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/356m2sfw

عن الكاتب

كاتب من البحرين من مواليد 1956 عمل في دائرة الثقافية بالشارقة، وهيئة البحرين للثقافة والتراث الوطني. وشغل منصب مدير تحرير عدد من الدوريات الثقافية بينها "الرافد" و"البحرين الثقافية". وأصدر عدة مؤلفات منها: "ترميم الذاكرة" و"خارج السرب" و"الكتابة بحبر أسود".

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"