عادي
نافذة مضيئة تربط بين الحاضر والمستقبل

مواقع التواصل.. منصات تفاعل مستدام

00:19 صباحا
قراءة 6 دقائق
مواقع التواصل.. منصات تفاعل مستدام
مواقع التواصل.. منصات تفاعل مستدام

إعداد: محمد ياسين

في عالم يعتريه التسارع والتحولات الرقمية، تكمن تحديات الحكومات في مواجهة الواقع بفاعلية، وفي هذا السياق، تبرز وسائل التواصل الاجتماعي نافذةً مضيئةً تربط بين الحاضر والمستقبل، حيث تحوّلت هذه الوسائل من مجرد منصات للتفاعل الشخصي، إلى أدوات حيوية يعتمد عليها القادة لتحقيق أهدافهم وخدمة مواطنيهم.

وفي ظل هذا السياق المملوء بالتحديات والفرص، يقدم التقرير رحلة استكشافية عن كيفية استثمار الحكومات لقوة المواقع الرقمية، للتواصل بشكلٍ مبتكر وفعّال، حيث يلتقي الجمهور ليخلق تناغماً يجسد حوار الحكومة.

تحمل مواقع التواصل، مهمة الربط الفوري بين المواطنين والحكومات، حيث تشكل واجهة تفاعلية لاستقبال المداخلات، وتقديم الخدمات بشكل مباشر.

وفي عصر التكنولوجيا والتواصل السريع، أصبح من الضروري أن تكون الحكومات على دراية تامة بفعالية هذه الوسائل، وكيفية استثمارها لتحقيق تقدم مستدام.

ومواقع التواصل أصبحت أدوات حيوية تستخدمها الحكومات لتحقيق أهدافها الوطنية، وتحسين الخدمات وتعزيز الشفافية باستخدام تلك القنوات الرقمية، مع التركيز على التحديات والفرص، التي تتيحها هذه التكنولوجيا الحديثة.

  • دور مهم

قال الدكتور محمد مراد عبدالله، مدير الإدارة العامة للمؤتمرات والندوات الأمنية، بمكتب نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي: لا شك في أن لمواقع التواصل، دوراً مهماً في زيادة مستوى الارتباط بين الحكومة والجمهور بفعالية، حيث تُعدّ من بين أبرز وسائل الاتصال الجديدة في نقل المعرفة ونشر الثقافة وتوعية فئات واسعة في المجتمع.

  • اتخاذ القرار

وأضاف «تسهم هذه المواقع بالتعاون مع قنوات الاتصال الحكومي في الانفتاح على المجتمع وتحسين التواصل، وفي نقل المعلومات والمشاركة في عملية اتخاذ القرار، كما تُعدّ مصدراً للحصول على آراء وردود فعل المجتمع تجاه القضايا المختلفة.

ولضمان فعالية توظيفها في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للحكومات، يجب وضع خطط استراتيجية وأهداف محددة، وتحديد آليات العمل والمعايير لقياس تحقيق الأهداف المرجوّة، كما يجب وضع سياسات وإجراءات للتعامل مع تلك الوسائل الحديثة، لضمان وصول المعلومات الصحيحة والدقيقة لأفراد المجتمع، ولتقليل نسبة المخاطر المحتملة من نشر الشائعات أو المعلومات المغلوطة حول العمل الحكومي. وقال: «إن مواقع التواصل قنوات واسعة الانتشار، وتشمل شرائح كبيرة من أفراد المجتمع من مختلف الأعمار والمستويات الاجتماعية، لذا يمكن توظيفها بعناية دقيقة في استطلاع رأي أفراد المجتمع تجاه أولويات الحكومة وخططها المستقبلية، ويمكن أخذها لتخطيط السياسات الحكومية لاستكشاف المستقبل».

  • لوائح تنظيمية

وتابع «ونظراً للتطور السريع في استخدام التقنيات الحديثة والمتقدمة في شبكات التواصل، وبناء المحتوى وقياس ردود الفعل وتوجيه الرأي العام، خاصة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وبرامج تحليل المحتوى، وتحليل البيانات الاجتماعية، يمكن استحداث مراكز متخصصة لهذا الغرض تسهم في دعم عملية اتخاذ القرارات الحكومية وفقاً للبيانات والمعلومات، وستظل هناك التحديات، التي ستواجه الحكومات في التعامل مع الجوانب السلبية في استخدام تلك القنوات الحديثة، سواء عبر موظفيها أو مشاهير التواصل، ولذلك يجب وضع لوائح تنظيمية للموظفين الحكوميين لاستخدام قنوات الاتصال الحديثة ونشر المعلومات سواء الرسمية أو غير الرسمية عبر تلك القنوات، بهدف ضمان التزامهم بها».

  • ثقة وشفافية

وقال الدكتور سيد بخيت، أستاذ الإعلام في جامعة زايد «إن لمواقع التواصل، دوراً مهماً في تكوين علاقات قائمة على الثقة والشفافية بين الحكومات والرأي العام، ولكن هذا الدور يتطلب من إدارات الاتصال الحكومي في الجهات والدوائر الحكومية، إدراك الأدوار والمهام المنوطة بها من جهة، والإمكانات التي تتميز بها هذه الوسائل من جهة أخرى، ومن أجل تفعيل هذه الأدوار، ينبغي على هذه الإدارات أن تدرك ضرورة توظيف كل المنصات الرقمية وعدم الاقتصار على وسيلة دون أخرى، حيث يوجد جمهور الجهات الحكومية على كل المنصات، كما ينبغي أن توحد مسمياتها على هذه الوسائل لتمكين الجمهور من الوصول إليها بسهولة، سواء من خلال عناوينها أو هويتها أو شعاراتها».

وشدد على أهمية حرص هذه الجهات على تجديد أخبارها بشكل دوري، ليكون للجمهور إطلالة على أنشطتها وخدماتها وفعالياتها، وأن تكون حريصة على الإجابة على استفسارات وتساؤلات الجمهور، والتفاعل والمشاركة فيما يطرحه من أخبار، ويجب أن تتبادل هذه الجهات منشوراتها لدعم بعضها بعضاً، وزيادة رقعة انتشارها ومن الضروري توظيف كل الوسائط المتعددة لجذب أكبر عدد من الجمهور، ويجب كذلك، أن تحرص على تحليل أدائها ومعرفة مدى تفاعل الجمهور معها، تصحيحاً لما تقوم به.

وأكد الدكتور بخيت أن أدوار وسائل التواصل الحكومي تتزايد اليوم عما سبق، بفعل تراجع الاهتمام بوسائل التواصل التقليدية وقلة قراءة الصحف، وانتشار الأخبار المغلوطة، وهذا يؤكد الحاجة الماسّة إلى مثل هذا النوع من الاتصال، الذي يرسل رسائل تقوم على المصداقية والشفافية والدقة.

  • تطوير وتفاعل

أكد شريف بشارة، الرئيس التنفيذي لمجموعة «محمد وعبيد الملّا»، المجموعة المالكة للمستشفى الأمريكي في دبي، أن مواقع التواصل بشتى أنواعها أصبحت في عالمنا الحالي سلاحاً ذا حدّين، ودورها كبير في توفير فرصة قوية للتطوير، والتفاعل وتشكيل الوعي المجتمعي لدى قطاع كبير من الأفراد من جهة، والمجتمعات من جهة ثانية.

وأشار إلى أنه يمكن للحكومات بناء مجتمع عبر إنشاء استراتيجية فعالة لمواقع التواصل، تتماشى مع المصلحة العامة، ووجود الحكومات ضروري على مواقع التواصل، لأن تلك الوسائل مصدر الأخبار والتحديثات أو قنوات تواصل للتعبير عن المخاوف أو طرح الأسئلة، أو فرصة لتثقيف الجمهور وخلق الوعي.

  • تفاعل الحكومات

وأشار إلى أن تفاعل الحكومات على المواقع، يمنحها المساحة للحفاظ على الصدقية والشفافية مع الجمهور، إذ تعد عنصراً مهماً في التواصل مع الجمهور لبناء تلك الثقة المكتسبة، ومواقع التواصل تجاوزت مفهوم النشر والتصفح، وأصبحت قوة ضغط وأداة في يد الحكومات لتحسين مستوى الخدمات.

وأكد أن المشاركات الإماراتية الفاعلة عليها تؤكد مكانة دولة الإمارات، الرائدة في تمكين التحول الرقمي وريادتها بتعزيز الابتكار ومواكبة أفضل الممارسات ذات الصلة، لافتاً إلى وجود تواصل فعّال بين حكومة دولة الإمارات والمواطنين عبر مختلف مواقع التواصل لمعرفة متطلباتهم، والإصغاء إليهم، والانخراط في صفوفهم، إلى جانب فهم وجهات نظرهم والاستماع الدائم إلى آرائهم. مشيراً إلى أن تجربة الإمارات في التعامل مع تلك المواقع رائدة، حيث عملت منذ بداية انتشارها على تأسيس مجالس وقنوات مخصصة للتواصل مع الجمهور العام.

وعن كيفية قياس نجاح استخدامها في تحقيق أهداف الحكومات، قال بشارة: إن العلاقة الشفافة القائمة على أسس راسخة من الثقة والمصداقية بين الحكومات والشعوب هي الأداة الرئيسية في قياس مدى نجاح استخدام هذه القنوات، خصوصاً بعد التحول الكبير الذي أحدثته في ساحة الرأي العام، الذي يتمثل بدرجة أساسية بتعدد مصادر المعلومات المتاحة للجمهور.

  • فرص نجاح

ولفت بشارة إلى أن مواقع التواصل، قد تساعد الحكومات على زيادة رضا الجمهور، لأنها تمنح واضعي السياسات فرصة حقيقية لمعرفة أثر خططهم، وتعزيز فرص نجاح سياستهم، وبناء علاقة متينة مع الجمهور. مشدداً على ضرورة أن تعي الحكومات أهميتها ودورها الرئيسي في بناء الوعي، بعد أن أصبحت ركناً أساسياً للتواصل اليومي، واستقبال المعلومات بالنسبة لكثير من الأشخاص في العالم، فهناك من يستخدمها وسيلة للترفيه وتقضية الوقت، وآخرون أدركوا مدى قوة تأثيرها، فاستخدموها بشكلها الإيجابي الفعال.

  • أوقات الكوارث

وقال: إن مواقع التواصل، يمكن أن يكون لها دور مهم في أوقات الكوارث والأزمات، حيث تساعد الناس على الاطلاع على الأحداث، والحصول على المساعدة، والتواصل مع الآخرين، كما يمكن أن تستخدمها الحكومات قبل وقوع الأزمة لزيادة الوعي بالمخاطر الطبيعية، ونشر المعلومات عن كيفية الاستعداد لها بنشر خطط الإخلاء، وإرشادات السلامة، وكيفية الوصول إلى الموارد في حالة وقوع أزمة.

  • قمة المليار متابع

في خضم الجهود المستمرة للابتكار وتعزيز التواصل مع مختلف الشرائح المجتمعية، استضافت دبي في يناير الماضي النسخة الثانية من «قمة المليار متابع»، وهي تظاهرة استثنائية تجمع أكبر صناع المحتوى، والمؤثرين في العالم.

وشهدت القمة مشاركة 3000 صانع محتوى ومؤثر، وتمثلت في منصة حركية لنقل المعرفة، وتبادل الخبرات في كيفية دور الإعلام الجديد كونه قطاعاً إبداعياً في دعم اقتصادات الدول، وتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة.

تحوّلت القمة إلى ورشة تفاعلية نقل فيها صناع محتوى عالميون خبراتهم إلى المؤثرين الجدد والعاملين في الصناعات الإبداعية، وكان لافتاً استعراض كيفية تحويل هذا التجمع إلى فرصة للإضاءة على القدرات الإبداعية والاستدامة في إنتاج المحتوى الرقمي.

وركزت القمة على رسم خريطة مستقبل صناعة المحتوى الرقمي والإعلام الجديد في العالم، كما قدّمت توجيهات عن كيفية اكتساب المهارات الضرورية لضمان استمرارية العمل عبر مواقع التواصل المتنوعة، واستعرضت أفضل الأساليب والأدوات لإنتاج محتوى فعّال وذي تأثير إيجابي. تمثل «قمة المليار متابع»، نموذجاً حياً لكيفية تكامل دولة الإمارات، واستخدامها الحكيم لمواقع التواصل كونها أداة حيوية لتحقيق أهدافها الاقتصادية والاجتماعية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/ajy4w7me

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"