نستطيع أن نقول، إن الجغرافيا علم متنوع، وواسع، وإنها منذ نشأتها، قامت على جوانب إنسانية وعلمية، وهذا يمنحها مكانة كبيرة وعظيمة، وعندما نقول، إن الجغرافيا جمعت الجانب العلمي المتمثل في الفيزياء والكيمياء ونحوهما، والجانب الإنساني المتمثل في الإحصاء والتوثيق والتاريخ والمجتمع، فإن هذا الوصف صحيح، ولا يخرج عن مجالات هذا العلم العريق، أسوق لكم مثالاً للمزيد من التوضيح، من مجالات علم الجغرافيا، الجغرافيا الفيزيائية، وهي تهتم بدراسة، طبيعة الأرض، مثل الأشجار، والحيوانات، والتضاريس، من البحار، والجبال، والصحاري، وغيرها، وهناك مجال الجغرافيا البشرية، التي تهتم بدراسة السكان والناس، والحياة البشرية، وتدرس الأنشطة، ومواقع السكن، والمدن، والتجارة والصناعة، وتدرس المجتمعات بصفة عامة.
لا نبالغ عند القول إن علم الجغرافيا، من أهم العلوم في هذا العصر، وهو علم يتطور وينمو، ويتكيّف مع التطورات التي يشهدها العالم؛ لذا فالحاجة له تبقى ماثلة ولا فكاك عنها ولا منها، ويكفي من أهمية هذا العلم أنه يساعد ويُساهم في فهم كوكب الأرض، بل العالم الذي نعيشه، فهو يدخل في مجالات مثل الاقتصاد، والمجتمع، والبيئة، والتي هي تحديداً هاجس بشري في عصر اليوم، وتقوم معالجة هذا الملف بجوانب جغرافية، بمعنى وفق هذا العلم، أتوقف معكم لمجالات أخرى تتناولها الجغرافيا، ولها وقعها وأثرها حتى وقتنا الحاضر.
على سبيل المثال وليس الحصر: الجغرافيا هي العلم المعنيّ بالتخطيط، سواء للمدن أو غيرها، وهذه المهمة لحاجة ملحّة حتى عصرنا الراهن وحتى في المستقبل، وموضوع آخر للجغرافيا الاختصاص الأهم والأبرز به، وهو البيئة، فهي تدرس تأثير الإنسان في البيئة والمناخ، وهذا من أهم المواضيع في هذا العصر، والتي تعتبر هاجس البشرية، حاضراً ومستقبلاً، وكما هو معروف فإن الاقتصاد، موضوع حيوي ومهم للإنسان، في مختلف العصور، والجغرافيا تهتمّ بهذا المجال وتدرسه، من خلال دراسة توزيع الموارد وتوسع التجارة، والمهن والقوى البشرية.
بل إن موضوعاً مثل السياسة، للجغرافيا تقاطع معه واهتمام كبير، حيث توظف الجغرافيا لدراسة العلاقات بين الدول، وهناك ما يعرف بالجغرافيا السياسية، لها جوانبها ومجالاتها وتفرعاتها العلمية المعروفة عند المختصين والدارسين. ولا نبالغ عند القول إن علم الجغرافيا وُلد ونما وتطور ليبقى ويستمر، وهي تقبلت العلوم الأخرى، وأدخلت في عمقها العلوم الحديثة، وقفزت نحو التأثير والمكانة الأهم في الواقع البشري؛ لأنها استخدمت التكنولوجيا الحديثة، مما ساهم في نتائج علمية مفيدة، كان لها بالغ الأثر على الأرض كمكان وعلى الناس ومختلف تفاصيل الحياة.
