كما هو واضح، فإن التطورات التقنية والتكنولوجية أسهمت في تقدّم وتطور الأعمال، ولكن في اللحظة نفسها أدخلت الآلة لأداء الكثير من المهام، ومعها ألغيت بعض الوظائف، أو تمّ الاستغناء عن بعض الأعمال التي كانت فيما مضى يشغلها مئات العمال. هذا الإلغاء طبيعي في ظل دخول تقنيات آلية حديثة تدير الكثير من مفاصل العمل لأربع وعشرين ساعة وطوال أيام الأسبوع.
ومثل هذه الحالة تزيد الضغوط الحياتية على بعض الفئات في المجتمعات، وهي الفئات الأقل حظاً في مجالات مثل التعليم والثقافة، ومع أنّ هناك تبايناً واضحاً في انتشار هذه الفئات من مجتمع لآخر، بحسب ازدهار ونمو التعليم، إلا أنه، وكما هو واضح، هناك مجتمعات تأثرت بشكل كبير وواضح بدخول التقنيات الحديثة، والتطور التكنولوجي الهائل، وافتقار تلك المجتمعات لبرامج حماية، وتأمينات اجتماعية، أو حتى لندوات وورش تدريبية تطور من المهارات، أو تزيد في المعرفة والقدرات، ما جعل الكثير من الناس في مواجهة البطالة والتعطل عن العمل.
تتضح الحاجة لتعميم قيم التعاون، والمساعدة، وهي قيم من المهم انتشارها، وأن تكون ماثلة في العقل والقلب؛ لأنها تبقى ذات مردود شامل؛ فتُسهم في التخفيف عن المحتاج، وفي اللحظة نفسها، تمنح القلب الهدوء والرضا.
مساعدة الناس مهمة نبيلة ينخرط فيها الأفراد، والجمعيات الخيرية ومؤسسات النفع العام، وتستهدف تحسين حياة كل من يحتاج للمساعدة، أو مساعدة المحتاج ليساعد نفسه؛ لأن بعض المحتاجين، إذا لم يكن السواد الأعظم منهم، يحتاجون إلى الفرصة، لمساعدة تمكّنهم من النهوض من كبوتهم، لأخذ زمام المبادرة لتحسين حياتهم.
والحقيقة أن مساعدة الناس قيمة نبيلة، لا يمكن أداؤها دون أن يتمتع الإنسان بخصال الطيبة ودماثة الخلق، والشعور الإنساني بواجباته تجاه مجتمعه وناسه. مساعدة الناس لا تتمثل في جوانب مادية وحسب، بل قد تكون المساعدة بالإرشاد والنصح، أو بالدعم في التدريب وزيادة المعرفة، أو حتى بالدعم العاطفي والنفسي.
المجتمعات البشرية متنوعة، والمهام التي نقوم بأدائها متعددة وكثيرة، هناك المعلمون، الأطباء، المهندسون، هناك رجال الأمن، والمحامون... إلخ، وغيرهم الكثير من أصحاب المهن الضرورية والملحة والمهمة، ولكم أن تتخيلوا الأثر العظيم عندما يقوم كل واحد من هؤلاء بتقديم خدمة اجتماعية، تستهدف مساعدة الآخرين، في مجال مهنته، وما يجيد فعله.
ويبقى التعاطف مع الناس، ومساعدتهم، من أبلغ المهام والأعمال، وأكثرها نضجاً، وإيثاراً، وطيبةً، ونقاءً.
