ما يميّز العلم أنه من دون حدود، ولا سقف يمكن التوقف عنده، وكل معلومة يتم الحصول عليها تفتح آفاقاً جديدة من المعرفة غير المسبوقة. هذه الآلية المتعلقة بالاستمرار والنمو، فتحت مجالات أمام البشرية للتطور والتقدم، والاستمرار في هذا المجال، بشغف وحماس. وبالتالي، يصح أن تطور العلم هو دافع نحو تطور الإنسان في مختلف المجالات العلمية، سواء أكانت في مجالات الطب، أم المجتمع، أم النفس، والعلوم والمخترعات، أم غيرها. والمفارقة أن كل حقل من حقول العلم هو مكان للبحث والتطوير المستمر، ويمكن ملاحظة العلوم الطبية، قبل نحو مئة عام فقط، ثم نقيسها على ما تم في العصر الراهن، سنجد هوة واسعة، وسنلاحظ أن هناك قفزات كبيرة وشاسعة بين ما كان عليه الحال قبل مئة عام، وما هو عليه الوضع الآن، هذه الآلية يمكن تكرارها، أو توقعها بعد مئة عام من الآن، حيث ستكون التقنيات والعلاجات أقوى وأكثر جدوى مما هي عليه.
الحال ليس في مجال الطب وحسب، بل في مختلف المجالات، ومنها المجال الزراعي، حيث نجد أن الزراعة في هذا العصر، مميزة، وبات لدينا فهم أوسع بالآفات الزراعية، وكيفية مكافحتها وحماية المحاصيل، كذلك نمتلك تقنيات تسهم في زيادة الإنتاجية والاستدامة، والحال لم يكن كما هو الآن فيما مضي، ويتوقع في سنوات قليلة مقبلة، أن تحدث قفزات في هذا المجال، لأن العلم لم يتوقف، وحاجة الإنسان للأمن الغذائي ماثلة وواضحة. يمكن أن نتوقف عند أثر للعلم وتطوره، بشكل أوضح في مجال مهم، وهو مجال الاتصالات، ولن نذهب بعيداً، حيث يمكن قراءة نصوص قبل نحو عشرين عاماً فقط، عن حالة الاتصالات في العالم، وسنجد أنها متواضعة تماما، إذا تمت مقارنتها بما هو عليه الحال في هذا العصر. وكما هو واضح فإن التطور في هذا المجال، كان سريعاً ومتلاحقاً، حتى شهدنا الهواتف الذكية المتناهية الصغر، وتطبيقاتها المختلفة، التي أسهمت في نقل أعمالنا والمهام الوظيفية، لتتم إدارتها من خلال هذا الجهاز. ولا يمكن بأي حال من الأحوال، إغفال دور شبكة المعلومات العالمية، الإنترنت، وما أحدثته في غضون ثلاثة عقود، من قفزات في مجالات عديدة كان لها تأثير بالغ في حياة الناس في مختلف أرجاء العالم.
الحقيقة أن العلم بحر متلاطم واسع، لا حدود جغرافية توقفه، ولا سقف يمنعه، قوة العلم ماثلة، ومن المهم السعي لمواكبته وتطويره، لأن تطوره فيه تطوير للناس جميعاً.
