عشق الوطن.. ميراث خالد

دبي: سومية سعد

آمن الوالد حسن سالم الحفيتي، بأهمية العمل العسكري في بناء منجزات الأوطان وتشييد صروحها الشامخة، لأن المواطنة ذاتها ليست امتيازاً إذا لم يقترن الانتساب للدولة بولاء مخلص، وانتماء صادق وعطاء متفان من كل أبنائها المخلصين. كما آمن بأن المناصب تكليف ومسؤولية وليست تشريفاً، وخدمة الوطن تنبع من قيم مترسخة أصيلة في وجدان الإنسان، ومن أهمها قيم الانتماء والولاء للوطن، التي تنبع من إيمان الفرد بوطنه، وعمق ارتباطه به، وتعكس معاني الحب والعشق لتراب الوطن ومائه وهوائه وأرضه وسمائه، فورّثه لأبنائه الذين يعملون في المجال العسكري، ويخدم كل واحد في مجاله: أحمد في الشرطة، ومحمد في القوات المسلحة، وراشد، في الجيش.

حب العسكرية

ويقول المقدم أحمد الحفيتي، مدير إدارة المبادرات والمشاريع في شرطة دبي، إن والدي رسّخ لدينا حب السلك العسكري، وأن الوطن أعزّ ما يملكه الإنسان، وتلك فطرة أصيلة وقيمة إنسانية تغنّى بها الشعراء والحكماء؛ فكيف لو كان هذا الوطن وطناً مزدهراً كدولة الإمارات، تحضن أبناءها، وتحنو عليهم، وتفتح لهم أبواب السعادة وآفاق الريادة، وتتنافس في راحتهم وتوفير الحياة الكريمة لهم.

ويضيف: فرحت بالفوز بجائزة أفضل مشروع للأسرة المثالية، ضمن فئات جائزة وزير الداخلية للتميز العام الماضي. وهذا الإنجاز جاء تتويجاً لجهود شرطة دبي وسعيها الدؤوب لاقتناص فرص المشاركة الوظيفية والمؤسسية. وأعبّر عن شكري لوزارة الداخلية على استهداف هذه الفئات، ما ينعكس إيجاباً على العمل الأمني، والأسرة والأداء الوظيفي.

وقال: هدف الجائزة بثّ روح المنافسة الإيجابية والشفافة وتبادل الخبرات والمعارف بين القيادات والقطاعات الشرطية، بهدف تنمية قدرات الموظفين. وقد تبنت جميع القيادات والقطاعات ثقافة التميز والريادة بتطبيق معايير ومواصفات عالمية، ما أدى إلى التعرف إلى جوانب القوة وفرص التحسين لديها، حيث تُمنح الجائزة وفقاً لمعايير التميز الحكومي ووفق آلية شفافة علمية محكمة.

دراسات عليا

ويضيف: حصلت على إجازة القانون وعلوم الشرطة، وبعدها حصلت على دبلوم دراسات عليا، وماجستير في القانون الجنائي أكاديمية شرطة دبي 2012. والآن أستعد للحصول علي الدكتوراه.

وفي الجانب الآخر من حياته يدرك المقدم أحمد، أن عمله لا يسمح له بمتّسع من الوقت يقضيه مع أسرته، فالإجازات الأسبوعية ليست مضمونة باستمرار، شأن كل رجال الشرطة الذين يصلون الليل بالنهار، لذا يحرص خلال المدة التي يقضيها مع أبنائه على ترسيخ مبادئ مهمة لديهم، منها الثقة بالذات والاعتماد على النفس والتفاني في حب الوطن وخدمته.

ويضيف أتذكر بيتنا، والبيوت قديماً من دون شك تختلف عن الموجودة الآن، فكل الأسرة كانت موجودة في المنزل أعمامي وأولاد أعمامي، أتذكر كيف ترعرعنا مع أولاد عمنا وبنات عمنا وإخواننا وأخواتنا وأسرتنا وسط حالة من التكاتف وأسلوب الحياة السهل. حتى تصميم البيت كان فيه حفاظ على خصوصية الأسرة وكيف علّمنا والدي الالتزام.

ويضيف: كنت على تواصل دائم مع أبنائي، وحرصت على أن أكون القدوة الصالحة، وأعلمهم كما علمني والدي، رحمه الله، أن الحياة العسكرية مدرسة لها قواعدها ومنهجها، ومن الصعب التخلص منها، فهي الضبط والربط والانتظام والدقة والمعرفة ومنبع الرجولة والفضائل والكبرياء.

مكتسبات الوطن

يقول محمد حسن، الذي يعمل بالقوات المسلحة إن أجمل المقولات عن العسكرية، كانت من والدي، رحمه الله، والمحافظة على مكتسبات الوطن و«عقول» أجياله، ليبقى ساحة خضراء نقيّة من الشوائب، كما ورثناه. وردّ الوفاء لوطن معطاء بحكامه وشعبه مبدأ الأسرة الإماراتية التي تعشق الوطن، ولا يستسلم أفرادها للمخاطر والصعوبات. التحدي سمة كل أفعالهم وحب العمل العسكري في دمائهم، لأن الأسرة عسكرية وتتمسك بالتقاليد الرسمية كاملة، حيث تشكل أسرتي نموذجاً رائعاً للأسر، حيث استطاع الوالد أن يغرس في نفوسنا جوهر العمل العسكري وأهميته في دعم المجتمع، ونعمل أنا وإخوتي على توريثه لأبنائنا في تجربة لم تكن وليدة اللحظة، وإنما امتدت لسنوات من الدعم والعمل البناء، لتحقق الكثير من أهدافها وطموحاتها.

ويضيف: تعلمت الكثير من الحياة العسكرية التي أكسبتني خبرات ومهارات عدة، صقلت شخصيتي أهمها الانضباط والعمل الجماعي، والعمل المؤسسي وطاعة الرئيس والاعتماد على النفس.

وأتذكر أنني لم أسمع من والدي مطلقاً كلمة بذيئة، فقد اشتهر بين الناس بالصدق، لذلك تعلمنا منه الاحترام وحب العلم والصدق، فإذا لم تكن صادقاً فلن تؤدي الأشياء المطلوبة منك فلا تكذب أبداً. والعلم في تربيتنا أهم من المال.

مرونة وشجاعة

وتحدث راشد الذي يعمل في الجيش عن تأثير والده فيهم من الصغر، وتشرّبهم الصفات العسكرية منه، مع التقيد بالانضباط الكامل حتى في الحياة العامة. ومقولته أن تكون عسكريّاً، فذلك يستلزم إدراك كيف تكوَّنت هذه الوحدة الوطنية المبنية على العقيدة الصحيحة، والتعامل مع الأوضاع المحيطة بحنكة ومرونة وشجاعة، ومعرفة حجم المسؤولية العسكرية الموكلة لحماية وطن.