عرض «الفرصة الأخيرة»

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

يونس السيد

لا يمكن الجزم بإمكانية نجاح الصفقة التي عرضها الرئيس بايدن لتبادل الأسرى وإنهاء الحرب المتواصلة في غزة منذ ثمانية أشهر، لكن ما هو شبه مؤكد أن العرض قلّص مساحة المناورة لدى كل الأطراف، ووضع الجميع أمام فرصة قد تكون الأخيرة بالفعل لجهة إنهاء الحرب أو الغرق في حرب استنزاف طويلة يصعب التكهن بنتائجها.

مقترح بايدن هو في الأصل مقترح إسرائيلي، جرى ترويجه من قبل الرئيس الأمريكي بالذات، ما يطرح الكثير من الأسئلة، ليس فقط من حيث كونه خطوطاً عريضة تاركاً التفاصيل للتفاوض بشأنها، وإنما لجهة أهدافه وتوقيته. فمن حيث التفاصيل هناك بعض النقاط الشائكة بالفعل التي تحتاج إلى تدخلات وضغوط هائلة لجسرها بين الجانبين، خصوصاً ما يتعلق بالمرحلة الثانية من الاتفاق، المتعلقة بإنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من قطاع غزة والضمانات وغيرها. وإذا كان النص يشير بوضوح إلى التفاوض حول إنهاء الحرب، فلماذا ترفض إسرائيل مقترحاً هي من قام بصياغته وأعلنه بايدن بنفسه، وتصر على التمسك بمواصلة الحرب حتى تحقيق أهدافها المعلنة، وهو ما يثير الكثير من الشكوك ويضفي المزيد من الغموض على المقترح برمته؟

ثمة من يعزو ذلك إلى الخلافات الداخلية الإسرائيلية، إذ هناك من يوافق على إنهاء الحرب مقابل إطلاق سراح الرهائن، وهناك من يرفض ذلك رفضاً مطلقاً بما في ذلك نتنياهو واليمين المتطرف الذي يهدد بإسقاط الحكومة في حال الموافقة على الصفقة.

ومن المعروف أن نتنياهو الذي يرفض التخلي عن قاعدته الانتخابية في اليمين واليمين المتطرف، ولديه حساباته السياسية والشخصية، لن ينزل بسهولة عن الشجرة التي علق فوقها، لكنه يدرك في نفس الوقت أنه لم يعد لديه مساحة كبيرة للمناورة، بعد أن وضع بايدن ثقله السياسي لإنهاء الحرب وفتح باباً للخروج منها.

بالنسبة لبايدن بات من الواضح أن الوقت يضيق أمام الانتخابات وإمكانية فوزه بولاية ثانية في البيت الأبيض، في ظل انقسامات قواعد حزبه الديمقراطي، وتنامي المعارضة داخل «يساريي» الحزب، وعزوف الشباب، وهم الأكثر تأثيراً اليوم، عن انتخابه بسبب عدم وقفه الحرب في غزة وانحيازه الأعمى لإسرائيل. كما أنه منح إسرائيل الفرصة تلو الفرصة لإمكانية حسم الحرب، وآخرها قبوله ضمناً بنسف «خطوطه الحمر» التي رسمها في رفح تحت أنظار العالم، ومع ذلك فشلت إسرائيل في تحقيق أي من أهداف الحرب، وفقدت آخر ورقة ضغط لإطلاق الرهائن وتحقيق أي «صورة نصر» مزعومة، وتحولت إلى دولة ملاحقة من قبل أعلى محكمتين دوليتين في العالم ويمكن أن تورط معها الولايات المتحدة بتهم «جرائم حرب».

وبالتالي لم يعد أمام بايدن الذي كان أول رئيس أمريكي يصل إلى إسرائيل لدعم حربها من خيار سوى العمل على إنهاء هذه الحرب بعدما فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق أهدافها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5eenu5yz

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"