البعض يرى أن الأعمال التجارية والاستثمار في أحد المشاريع التي تدر المال شيء بسيط، ويمكن القيام به عند توفر رأس المال، والحقيقة أن الواقع أصعب مما يبدو، لكن هذه النظرة السطحية هي السبب في تكبد البعض خسائر كبيرة، والخروج من السوق، دون أي ملمح للبيع وتحقيق المكسب.
السبب لا يعود لعدم الاستعداد، أو للافتقار للمال اللازم، لكن بسبب عدم الخبرة، وعدم الاستشارة، والأهم عدم عمل دراسة دقيقة تضع المخاطر قبل نقاط القوة، وتقيس الواقع الفعلي مع التحديات التي ستتم مواجهتها. بمثل هذه الدراسة، وبمثل البحث والسؤال والتقصي تنجح ويتم تحقيق الربح.
أحدهم تم سؤاله عن سبب خسارته؟ فقال إن الرسوم كانت مرتفعة. والحقيقة أن مشروعاً ينطلق وينكسر بسبب رسوم معروفة، ولا جديد فيها، هو مشروع واهن، ويفتقر لأبسط مقومات النجاح. أحدهم، لتأسيس مشروعه، استأجر مكاتب، وعين موظفين، واشترى سيارات، والنتيجة الخسارة. البعض يعتقد أن مثل هذه البداية هي القوة التي تحقق الربح وتحقق النجاح، بينما البداية بشكل متواضع وصغير، ثم النمو وفق نمو الأرباح، هي التوجه الصحيح. يفوت على البعض من صغار المستثمرين أن عليهم أن يعملوا في مشروعهم، دون التوسع في التوظيف. والأهم من هذا جميعه، أين الدراسة التي توضح جدوى المشروع، والتحديات، ومكامن القوة، والمخاطر، ونحوها من المعلومات المهمة؟
الجانب الآخر، كيف لأحدهم التوجه لإنشاء استثمار يدفع فيه المال، وهذا المشروع أو العمل، لا يتقنه، أو لا يلم به، أو لا يملك فيه أية خبرة، وفقط يجازف ويدخل السوق، بناء على كلمات تشجيعية من الأصدقاء، دون أي دراسة، ودون أي استشارة، ثم يتوقع النجاح والربح!
لو أن العمل التجاري بمثل هذه السطحية، لأصبح الناس جميعهم تجاراً. لقد تعقدت الأعمال التجارية في هذا العصر، وباتت المشاريع متنافسة، وهناك تطورات متلاحقة، والحاجة ملحة للتعلم والدراسة والبحث والتقصي، قبل الشروع وتحويل المشروع ليكون على أرض الواقع.
يجب على كل من يتوجه نحو العمل التجاري فهم أن هناك أدوات مهمة، وعلى درجة عالية من الحيوية، يجب توفرها قبل التوجه الفعلي لبناء المشروع: أولاً الاستعداد الحقيقي، مثل التفرغ لإدارة المشروع، ثم توفر السيولة، والاستناد الى دراسة جدوى قوية، والاستئناس بآراء أهل الخبرة، ومن سبق في الدخول للسوق.
لا أحاول التثبيط أو التقليل من قيمة الحماسة، ولكن أحاول القول إن المشروع التجاري له عدة متطلبات، يجب مراعاتها لتحقيق الربح والنجاح.
