عادي

التنبؤ بالمستقبل يهيمن على قرارات الحاضر

01:01 صباحا
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

تنطوي معظم القرارات التي يتخذها البشر على إصدار أحكام على المستقبل، فعندما يفكر الناس في مقرر دراسي، فإنهم يشكّلون رؤية حول فرص العمل التي ربما يؤدي إليها، وفي حالة الاستقرار على شراء منزل، عليهم أن يتنبأوا بنوعية الحياة مع مختلف الجيران، والعلاقة معهم، وعند التخطيط لتكوين أسرة تبدأ عملية التخمين بالمستوى الاقتصادي الآمن في المستقبل.

«ماذا يخبئ المستقبل للعالم؟.. رؤى من منظور العلوم الاجتماعية»، كتاب من تحرير ريتشارد ن. كوبر وريتشارد لايارد (ترجمة محمد رفعت عواد ومصطفى خلف عبد الجواد) يخبرنا أن المجتمع القائم على التنظيم لا يمكنه تجنب التفكير في المستقبل، وعليه أن يحاول، بقدر الإمكان، اكتشاف ما سيكون عليه هذا المستقل، وتعد المعرفة مصدراً من مصادر القوة، كما أن معرفة المستقبل تمدنا بقوة للتأثير فيه، فإذا أمكنك رؤية المستقبل فقد تصير من الأغنياء، وتنتصر في الحروب، ويمكنك تحسين أوضاع المجتمع.

  • صعوبة

مع ذلك – كما يرى الكتاب – فإن التنبؤ بالمستقبل هو بلا جدال أكثر صعوبة من تفسير الماضي، لأن التغير ينجم عن مزيج من العوامل العامة والعوامل المحددة الدقيقة، كان يمكن التنبؤ بالماضي ببعض ملامح مهمة عن الثورة الصناعية في بريطانيا، بدءاً من توفر الفحم، واستنزاف الغابات، وتراكم رأس المال، من خلال التجارة الخارجية وهكذا، إلا أن التفسير سيكون مبتوراً ما لم يتضمن اختراع وات للآلة البخارية.

هناك مشكلة أخرى تتعلق بالأحداث السياسية، فقد تغيّر تاريخ أوروبا على يد أحد الضباط القادمين من جزيرة كورسيكا، واستقر في باريس عام 1795، وفي عام 1790 لم يكن أحد يتوقع الدور الذي سيقوم به نابليون بونابرت في المستقبل، أما إذا نظرنا إلى الخلف فإننا نجد أن دوره كان حاسماً، وحدث نفس الشيء بالنسبة لأدولف هتلر عام 1923، أو عام 1948 عند اكتشاف وصلات من السيليكون والمواد المتصلة بها.

  • مدى قصير

تمتاز جميع فروع العلوم الاجتماعية بإسهاماتها الخاصة بها، فقد استطاع علماء الاقتصاد أن يقدموا تنبؤات على المدى القصير لعدة سنوات قائمة على الدقة والتعقيد، إلا أن تأملاتهم على المدى الطويل ركزت بدرجة أكبر على نموذج تجميعي لمستويات الدخل، واستخدام الطاقة، وبدرجة أقل على البنية المصغرة للاقتصاد، أو نماذج من الحياة العملية، كما تتمثل القوة العظمى لعلم الاقتصاد في مفهومه عن توازن السوق، والتكيف، والتوافق أمام الهزات والصدمات، ومن هنا نجد أن علم الاقتصاد يمتاز بالقوة في تحليل المتغيرات التي تؤثر في التوازن.

يشير الكتاب إلى أنه رغم القيود التي تحدد استنتاجنا، فإننا نود أن نعرف ماذا يخبئ لنا المستقبل، وتعتمد قرارات كثيرة اليوم على بعض الرؤى للمستقبل، وأن هذه الحقيقة قد فرّخت ما يسمى بصناعة المستشارين الذين يقدمون وجهات نظرهم حول المستقبل، إن البساطة والقدرة على الفهم فضائل في حد ذاتها ما لم تؤد إلى أخطاء جسيمة، ويطور بعض المستشارين وجهات نظرهم عن المستقبل بشكل واضح ومنهجي اعتماداً على مداخل تفصيلية.

ويعتمد آخرون على حكمهم المبني على الخبرة، وباستثناء هؤلاء نجد أن غيرهم يعتمد في تعامله مع هذه المواضيع على الحدس فقط، أو أنهم اكتشفوا التنبؤ بالعرافة، كما يكتفون بتناول الموضوع من الناحية الشكلية فقط.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ynyhp6s6

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"