عادي

أمريكا اللاتينية في قبضة الولايات المتحدة

23:23 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

أمريكا اللاتينية هي تلك المنطقة الجغرافية الواقعة في نصف الكرة الأرضية الغربي، وقد انطلق هذا المصطلح من فرنسا عام 1861 للتمييز بين الدول الواقعة تحت استعمار الإمبراطوريتين الإسبانية والبرتغالية من جهة، وأمريكا الأنجلوساكسونية من جهة أخرى، وأدرجت تحت هذا المصطلح المنطقة الجغرافية التي تشمل المكسيك وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية وجزر البحر الكاريبي.

في كتابها الصادر عن مركز الأبحاث ودراسات السياسة بعنوان «الحرب الباردة في أمريكا اللاتينية» تقول نجلاء سعيد مكاوي إن مصطلح أمريكا الإسبانية أكثر دقة، وهو يعبر عن أغلبية الدول التي تتحدث الإسبانية، مؤكدة أن العوامل الجغرافية – منصهرة مع عوامل أخرى – شكلت التصورات والتوجهات الأساسية لدول القارة نحو العالم الخارجي، وأثرت في علاقاتها الخارجية، وكانت منطقة الكاريبي مسرحاً للتنافس الأمريكي البريطاني في القرن ال 19، ثم تحولت في القرن ال 20 إلى مجال حيوي للنفوذ الأمريكي، وهكذا استند التدخل الخارجي في شؤون تلك الدول جزئياً إلى الموقع الجغرافي.

يوضح الكتاب أن السياسة الرسمية لأمريكا تجاه أمريكا اللاتينية، باعتبارها منطقة نفوذ خاصة، بدأت مع إعلان «مبدأ مونرو» الذي أعلنه الرئيس الأمريكي جيمس مونرو، تضمنت مبادئ السياسة الخارجية الأمريكية تجاه القارة، خلاصتها الاعتراض على امتداد الاستعمار الأوروبي إلى نصف الكرة الغربي وتحذير الدول الأوروبية من مغبة التدخل بأي شكل في شؤون تلك المنطقة.

بدأت الولايات المتحدة تدخلها الفعلي في الشؤون اللاتينية وتوسعها جنوباً عبر التدخل الاقتصادي المتزايد، حتى تطور الأمر إلى حد استخدام القوة العسكرية في بعض الدول، واحتلال أخرى وفرض الرقابة المالية والإدارية على حكوماتها، وقامت بتفعيل سياسة «العصا الغليظة» التي أعلنها الرئيس الأمريكي روزفلت وارتكزت على أن مقتضيات الاستراتيجية الأمريكية والمصالح الحيوية لأقطار العالم الغربي كلها تبرر حق الولايات المتحدة في ممارسة دور الشرطي في القارة اللاتينية والتدخل باستخدام القوة الرادعة لمواجهة كل ما تعتبره إخلالاً بالنظام في المنطقة.

تدخلت القوات الأمريكية بذريعة حماية أمن نصف الكرة الغربي في الفترة بين عامي 1898 و1932 أربعاً وثلاثين مرة شملت تسعة بلدان، وكانت في الأساس حفاظاً على مصالح الولايات المتحدة الخاصة، لا بغرض الحفاظ على السلام الإقليمي، وهو ما يتضح من حالات التدخل كلها التي يلاحظ أنها كانت دائماً ضد حكومات هددت مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية والاستراتيجية خصوصاً في منطقة الكاريبي وأمريكا الوسطى.

بدأت أمريكا بعد انتباهها إلى ذلك حرباً ضروساً للحفاظ على منطقة نفوذها الأقدم والأهم في العالم، إذ لم يدر بخلد صناع السياسة الأمريكية قط أن تسلب هذه المنطقة منهم، أو أن تصبح ذات يوم مرتعاً للشيوعيين وإحدى مناطق النفوذ السوفييتي.

ترى مؤلفة الكتاب أن الولايات المتحدة أعطت لنفسها الحق باستخدام أي وسيلة لمنع تمدد السوفييت في القارة اللاتينية حتى لو باستخدام القوة العسكرية، التي كانت أهم وأخطر آليات الولايات المتحدة لإقصاء أي حكومة ذات توجهات يسارية أو شيوعية أو منعها من الوصول أساساً وذلك بذريعة الأمن الجماعي لنصف القارة الغربي.

مثلت أمريكا اللاتينية أهم بؤر الحرب الباردة الثقافية التي تبارى فيها الطرفان الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، دعائياً، من خلال كثير من القنوات والآليات، ما أفرز صداماً ثقافياً وفكرياً بين الشيوعية والرأسمالية داخل الدولة اللاتينية التي انحازت شعوبها إلى الشيوعية، ليس اقتناعاً منها بالفكر الشيوعي في أغلب الأحيان، وإنما لنفورها أساساً من كل ما يرتبط بالولايات المتحدة وثقافتها، وبشعبها الذي كانت نظرته الاستعلائية إلى الشعوب اللاتينية أحد مكملات حالة السخط العامة تجاه كل ما هو أمريكي شمالي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4k2fpcsw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"