عادي
صدر في الشارقة

الغافة.. شجرة تُروى بقوافي الشعر النبطي

15:32 مساء
قراءة 4 دقائق
سلطان العميمي

الشارقة: عثمان حسن

«غاف وقاف.. أربعون قصيدة نبطية في الغافة» هو كتاب من جمع وإعداد وشرح الدكتور سلطان العميمي رئيس مجلس إدارة اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات، ويشتمل على أبرز القصائد التي قيلت في شجرة الغاف التي تم اختيارها رمزاً وشعاراً لعام التسامح في دولة الإمارات عام 2019، وقد تزامن جمع مادة الكتاب مع عمل د. العميمي على جمع معجم الغاف الذي صدر في 2019.

صدر الكتاب عن معهد الشارقة للتراث واشتمل على مقدمة وثلاثة فصول.

اشتمل الفصل الأول على عدة أبواب بينها: (الغاف.. الحضور والتمثلات، الغاف في اللغة، الغاف في اللهجة، الغافة في الثقافة الشعبية، الغافة في الشعر النبطي، اهتمام الشيخ زايد بالغاف)، واشتمل الفصل الثاني والثالث على قصائد قيلت في شجرة الغاف، حيث تضمن الفصل الثاني 32 قصيدة والثالث تضمن 8 قصائد لشعراء.

يعد هذا الديوان بحسب د. العميمي أول إصدار من نوعه في مؤلفات توثيق الشعر النبطي، من حيث موضوعه المتصل بشجرة الغاف، الذي استمر نظم الشعراء قصائد فيها على امتداد زمني قدر بنحو 300 سنة، بدءاً من عصر الشاعر الماجدي بن ظاهر، الذي تُوفي قبل أكثر من ثلاثة قرونِ وانتهاء بعصرنا الحالي الذي يزخر بشعراء مخضرمين نظموا قصائد في الغافة ارتبطت بحياتهم الماضية بشكل كبير.

  • تفاعل

يكشف د. العميمي في كتابه أن هذا الكمّ الكبير من القصائد التي قيلت في الغافة يوضح حجم التفاعل الإنساني بين الذوات الشاعرة والأشجار بشكل عام، وشجرة الغاف بشكل خاص، وقد اعتمد في كتابه منهجاً في تحقيق هذه القصائد، كاعتماده الشطر الأول من القصيدة عنونا للقصيدة، كما قدم نبذة تعريفية عن الشعراء أصحاب القصائد، مراعياً في الوقت ذاته ذكر مناسبة كل قصيدة، وكتابة القصائد وتشكيلها بما يتوافق مع نطقها محلياً، بحسب بيئة كل شاعر، كما قام د. العميمي بشرح مفردات القصائد في الهامش، والتعريف ما أمكن، وبشكل مختصر بالأشخاص الذين ورد ذكرهم في أبيات القصائد أو مقدمتها.

  • حضور وتمثلات

يؤكد د. العميمي أهمية شجرة الغاف في البيئة الإماراتية، هذه الشجرة التي لها قاموس خاص بها في اللهجة المحلية، يغطي تفاصيل كثيرة حول حجم الشجرة وأوراقها وشكلها ومسمياتها المختلفة فضلاً عن أماكن وجودها ونوعية ثمارها وأدوات رعايتها وقطعها.. والشجرة بحسب د. العميمي ورد ذكرها في الشعر العربي وفي المعاجم العربية القديمة، ففي لسان العرب ورد في مادة «غاف» أن الغاف شجر عظام تنبت في الرمل مع الأراك، وورقه أصغر من ورق التفاح، وله ثمر حلو جداً، يقال له «الحنبل».

وتعد الغافة شجرة معمّرة، وقد يصل ارتفاع الشجرة منها إلى 25 متراً، ويطلق عليها اسم «عود» فيقال «عود غاف»، وحظيت العديد من عيدان الغاف في الإمارات بتسمية خاصة بها، وفق فلسفة خاصة بذلك، وقد تعامل ابن الإمارات مع هذه الشجرة تعاملاً خاصاً، إذ إنها شكلت أهم معلم نباتي يرافقه في تنقلاته وحركاته، وأصبحت أكثر شجرة محلية لها أسماء ذات خصوصية دلالية بها وساعدته على تحديد مكانه ومكان غيره، والاسترشاد بها في أسفاره.. أما في الشعر النبطي الإماراتي، فقد حظيت هذه الشجرة بمكانة خاصة، واحتلت مساحة مرموقة فيه، وهي تعد إلى جانب النخلة إحدى أكثر شجرتين تطرق إليهما الشعراء في قصائدهم، بل نظموا قصائد كاملة عنهما، إضافة إلى ارتباط الغافة وعودها لدى كثير من الشعراء بالمرأة وعطائها.

  • أسفار

يذكر د. العميمي قصة للشاعر حارب بن مهيمر الكتبي الذي كان يمر في أثناء تنقلاته وأسفاره بين مناطق البادية على شجرة غاف في طريق من البرية المعروفة، فينيخ ناقته تحتها ويستريح ويقيل، وذات يوم مر بالغافة فلم يجدها، وإذا بها قد قلعت من مكانها، وفي اليوم التالي اكتشف أن جذع الغافة مدفون في مكان ليس ببعيد عن المكان الذي كانت فيه، ويتصاعد منه الدخان رغم دفنه، فعلم أن من قطعه حرقه بغرض تحويله إلى فحم، كي يتاجر فيه، فيبيعه ويربح من ورائه، فحزن على ما حلّ بالعود وغضب، وقال:

يا ليت لي عزم على العود

وانوى على قص المقايل

شرِّف على حد م لعدود

لايواد لي تحب اليمايل

والا المساعي هوب منقود

لكن منعت للقبايل

اللي شراته فيه منشود

لي يمر ع ظهور الذلايل

  • حضور

وحضرت شجرة الغافة قصائد كثيرة، منها على سبيل المثال:(يا ليت لي ماضي يرد محله، و(يا حلوة يوم تمايح) لسعيد بن حلوة الكتبي، و (تهنا عيون شافت مود) لسعيد بن هلال الظاهري، و (يا حميمة غنيتي) لسلطان بن محمد بن بخيت العميمي، و(غافة ع يارح الوادي، يا عود ريت الناس تلعيك) لعلي بن بخيت العميمي، و(غاف القطا يابس وعوده مال) لعلي بن علي بالعطيب العامري، وة (عود اليزيرة قصة عبيد) لفاضل بن سلطان بن حبتور، كما وردت الغافة في قصيدة (وش ياك يا ذا الخال) لعلي بن شمسة السويدي

وفي كل القصائد المذكورة سابقاً، يقدم د. سلطان العميمي هوامش مفيدة، وذلك لتوضيح كثير من مفردات اللهجة الإماراتية التي وردت على لسان الشعراء، بهدف تسهيل استيعابها عند القراء الذين تستعصي عليهم فهم دلالاتها ومراميها.

  • شعراء مجهولون

يعرف د. العميمي بقصائد عن شجرة الغافة ل 8 شعراء مجهولين، ومن عناوينها: (غافة البر مغبرة) و (يا «بن ثاني» قمايح) ونقتطف منها:

يا «بن ثاني» قمايح

عود قطع م الحيب

ما به شرتا الروايح

به ملعون غضيب

خلى فنونه طرايح

يذري فيها التريب

دمع الورقى سفايح

ما ونى م الدعيب.

ومن القصائد مجهولة النسب (عود مديم ظلاله)، يقول فيها الشاعر:

عود مديم ظلاله

على درب الصديج

لي قصة واعتنى له

يعله يازم عويج

يعله قل السهالة

تسمح له طريج..

ويستكمل د. العميمي لقصائد الشعراء المجهولين وهي: (اللي برز في ضحى الغافات غنَن له) و (يا الغافة يا الظليلة) و (قص خيار العواد) و(توبه يا «عود التوبه») و (كد يانيه عزمت بآرد).

  • اقتباسات

«الغافة شجرة تنمو في البيئة الصحراوية وجوانب الأودية».

«تنتشر الغافة في المناطق الشمالية والشرقية من الإمارات».

«لشجرة الغاف قاموس خاص من المفردات في اللهجة الإماراتية».

«لهذه الشجرة مميزاتها ومكانتها التاريخية في المجتمع الإماراتي».

«أوراق الغاف تعد غذاء مفضلاً للإبل، وهي تعد مكاناً مفضلاً لعدد من الطيور البرية كالحمام».
الناشر: معهد الشارقة للتراث

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ypse2j9m

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"