عادي
صدر في الشارقة

«مدينة الذيد»..حكاية تستحق أن تروى

23:03 مساء
قراءة 5 دقائق
خليفة الطنيجي - غلاف الكتاب

الشارقة: عثمان حسن

يوثق كتاب «مدينة الذيد.. قراءة في التاريخ والشخصيات»، للكاتب خليفة سيف حامد الطنيجي، لجزء يسير من تاريخ مدينة الذيد، مقترباً من البدايات في المؤسسات والمشاريع التنموية المهمة التي تركت بصمة حيوية عبر عقود من إنشائها، كما يستعرض زراعة النخيل والمشاريع الزراعية في المدينة بشكل عام، ومن جهة ثانية فهو يوثق لسير مجموعة من الشخصيات الثقافية، والاجتماعية، والتربوية، التي تركت أثراً لا ينسى، وكان لها دور محوري في تخصصاتها المختلفة.

صدر الكتاب عن معهد الشارقة للتراث، وجاء في مقدمة وجزأين، اشتمل الجزء الأول وهو بعنوان «التاريخ» على مجموعة من المحاور من بينها: (نخيل الذيد زراعة موغلة في القدم، قصة المواصلات في المنطقة الوسطى من الشارقة، مسيرة التعليم في الذيد.. من الأفلاج إلى مضخات المياه، تاريخ الخدمات الصحية في المنطقة، 50 عاماً على طريق الشارقة - الذيد، مساجد الذيد منارات تشع نورا، محطات الوقود تاريخ يضيء الدروب، معرض الكتاب في مفكرة طالب وغيرها)، أما الجزء الثاني فجاء بعنوان «الشخصيات» واشتمل على مجموعة من الأسماء بينها: (محمد الخيال شاعر الحكمة والأصالة، مصبح بن طارش الكتبي قاموس الإنسان والمكان، رحيل آخر حراس فلج الذيد محمد البديوي الطنيجي، سالم الشامسي.. السيف واللؤلؤ يعرفانه، رحيل آخر فرسان الرزفة سعيد بن خميس الطنيجي، خليفة بن خليف الطنيجي موسوعة الأنساب الذي رحل، سعيد الشمام.. أنامل أبدعت في الزراعة، خليفة زايد الطنيجي مربي الأجيال).

النخيل

يؤكد الكاتب خليفة الطنيجي أن زراعة النخيل في الإمارات، هي زراعة موغلة في القدم، وأن فلج الذيد المورد الأساسي للمياه في المنطقة الوسطى، وعلى أساسه ظهرت بلدة الذيد التي اشتهرت بزراعة النخيل، حيث تم شق فلج «شريعة الذيد» منذ عهود قديمة جداً،، ويؤكد الطنيجي أن واحة الذيد تضم مئات المزارع من النخيل التي كانت ملهمة لكثير من شعراء الإمارات لكتابة أروع القصائد، منهم شاعر الإمارات الأول الماجدي بن ظاهر، الذي ذكرها في معظم قصائده، ومنها قصيدة يقول فيها:

«تمنيتها وين أباها ويات.. على وادي الذيد ضرب وسيل/ تطيب المفالي من أول وتالي.. وطاب الزلال عمار النخيل».

وصول السيارات

يرى الكاتب الطنيجي أن وصول السيارات إلى المنطقة قد ترك إرثاً وقصصاً لا تنتهي لتحول جديد لم يعهده أهالي المنطقة منذ مئات السنين، حيث كان أول ظهور للسيارات في المنطقة الوسطى من إمارة الشارقة نحو عام 1937، حيث وثقت عدسة المستكشفين وفرق التنقيب عن النفط صورة لسيارات فريق التنقيب بجوار حصن الذيد، وفي الوقت ذاته، كانت هناك قافلة من الإبل تمر من أمام الحصن محملة بالبضائع لأهالي المنطقة في اتجاه الساحل، وقد أدهش ذلك المنظر رواد القافلة حول هذا الشيء بجوار حصن الذيد..

التعليم والثقافة

في سعيه لرصد مسيرة التعليم يبدأ خليفة الطنيجي بالحديث عن ظهور مدرسة الذيد في أوائل الستينيات من القرن الماضي، والذي شكل حدثاً تاريخياً غيّر مجرى الحياة بأسرها في تلك الواحة التي كانت تسكن في أحضان الرمال، حيث لم تعرف الذيد التعليم إلا على شكل الكتاتيب في واحة زراعية تحيط بها الصحراء والسهول، في تلك الفترة كان الآباء يقتطعون جزءاً من دخل الأسرة كي يتعلم أبناؤهم عند المطوع، وقبل افتتاح مدرسة الذيد انطلق الطلاب إلى طرق التعليم في المناطق المجاورة، حيث التحقت مجموعة منهم بمدرسة «الدقداقة الزراعية» بإمارة رأس الخيمة في أوائل الستينيات، منهم مصبح أحمد الطنيجي، وعلي المحيان الكتبي، وهي الفترة التي ترافقت مع ظهور مجلات وصحف عربية وخليجية كان يجلبها المدرسون معهم منها (آخر ساعة)، و(المصور)، و(الأهرام)، و(مجلة العربي)، التي أقبل عليها الطلاب بكل شغف للنهل من معينها.

وتنامت الحالة الثقافية في الذيد في فترات لاحقة منذ 1977 التي كانت الشرارة الأولى لظهور أول مجلة تعرفها المنطقة الوسطى من الشارقة، تحت اسم (بدر)، ثم الإصدار الثاني لمجلة الشروق، وكان لتدشين نادي الذيد الثقافي الرياضي في 1980 دور في تنظيم الأمسيات الثقافية، كما شهدت المنطقة تحولات كبيرة في مجال الثقافة والمعرفة بفضل رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، ويعدد الكاتب الكثير من ملامح المشهد الثقافي في المنطقة بظهور المركز الثقافي في الذيد، وتأسيس فرع لمعهد الشارقة للتراث في الذيد، ومجلة الوسطى، وظهور مراكز ومؤسسات ثقافية كثيرة.

تظاهرة

يدون خليفة سيف الطنيجي في كتابه حدثا، هو بمثابة تظاهرة تفخر بها إمارة الشارقة، وهو معرض الشارقة الدولي للكتاب، بخاصة الدورة السابعة والثلاثين التي حظي بالمشاركة فيها، ويسجل ذكرياته، وهو طالب مع المعرض، ويبدأ بتسجيل انطباعاته عن تلك الدورة وحجم المشاركة العربية والدولية التي سجلت في ذلك العام نحو 1.6 مليون كتاب، بمشاركة 1874 دار نشر من 77 دولة، واختارت هيئة الشارقة للكتاب شعار «قصة حروف» لتلك الدورة التي حلت خلالها اليابان ضيف شرف المعرض، حيث يقول: «في بدايات عهدنا بمعرض الشارقة للكتاب، كنا نزوره ونحن طلاب، نسرح ونمرح بين أروقة الكتب، ونشتري كتاباً، أو كتابين، ثم دلفنا إلى مقاعد الدراسة الجامعية، فشحذنا الهمم للبحث عن كتب تسد شغف البحث والدراسة والأبحاث الجامعية، ثم دخلنا عالم حب الكتاب وتأسيس المكتبات الخاصة، فكان المعرض خير معين لذلك».

شخصيات

يخصص الكاتب الجزء الثاني من كتابه للحديث بإسهاب عن بعض الشخصيات الثقافية المؤثرة في الذيد، ومنها محمد الخيال شاعر الحكمة والأصالة، الذي تميز شعره بالعذوبة والسلاسة إلى جانب قوة المعنى، و تنقلت قصائده بين أغراض شتى منها المدح والغزل والرثاء والقضايا المجتمعية والإنسانية، ويواصل ذكر أسماء الشخصيات أخرى، مثل: سلامة الطنيجي.. سيرة ملهمة تتوراثها الأجيال) والتي يكتب عنها: «تترك بعض الشخصيات الملهمة آثاراً تعد علامة فارقة في تاريخنا وتراثنا، وتصبح مع مرور الزمن مضرباً للأمثال تتوارثه الأجيال، وهناك شخصيات نسائية دونت ذاكرة الإنسان عنها سيرة خالدة منذ القدم، وعلى امتداد التاريخ كان لها دور بارز في عملية بناء وتنمية المجتمع».

  • اقتباسات

«سالم لمويه الشامسي شخصية استثنائية، وبحار غاص في أعماق الخليج بحثا عن اللؤلؤ».

«حملت ذاكرة محمد البديوي الطنيجي سجل البشر والحجر والشجر».

«المركز الثقافي في الذيد منارة إشعاع ثقافي ومعرفي».

«يعد مسجد الشريعة أقدم مسجد في مدينة الذيد».

«بعد قيام الاتحاد شهدت المنطقة الوسطى قصة تطوير جديدة في البنية التحتية والمواصلات بشكل خاص».

الناشر: معهد الشارقة للتراث

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4avhbrcr

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"