عادي
صدر في الشارقة

«مدينة خورفكان».. تاريخ يغري الباحثين

15:00 مساء
قراءة 4 دقائق
د.عبد الله المغني

الناشر: معهد الشارقة للتراث
الشارقة: علاء الدين محمود

كثيرة هي الكتب والدراسات التي أُلّفت عن مدينة خورفكان في جوانب عديدة، فقد ألهمت العديد من المثقفين نسبة لتاريخها وموقعها الجغرافي والبعد الحضاري والتراثي والأدبي، فهي تعد من المدن التي لعبت دوراً مركزياً مهما في التاريخ الإماراتي القديم والحديث، وقد تبارى كذلك الشعراء والأدباء في القصائد والنصوص التي تتغنى بالمدينة.

لعل من أهم تلك المؤلفات التي تحدثت عن المدينة هو كتاب «تاريخ مدينة خورفكان الاجتماعي والاقتصادي في النصف الثاني من القرن العشرين»، للدكتور عبد الله سليمان المغني، الصادر في طبعته الأولى عن معهد الشارقة للتراث، عام 2020، ويتناول الكتاب الكثير من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والفنية والأدبية والرياضية، والتراثية، في مدى زمني محدد وهو النصف الثاني من القرن العشرين، غير أن الكتاب يعود في بعض المنعطفات إلى الماضي ليتعمق في العديد من الجوانب التي تحتاج إلى الإضاءة، وكذلك للمقارنة بين الماضي والحاضر واستشراف المستقبل، ولعل أهمية المؤلف تنبع من تلك الإحاطة الشاملة لتاريخ المدينة والمنطقة، وتعدد المصادر التي اعتمد عليها المؤلف.

*فكرة

يشير المؤلف إلى أن فكرة الكتاب قد لمعت في رأسه في بداية عام 2017، حيث بدأ على الفور في عملية تجميع المعلومات والكتابة، بعد أن اتخذ منهجاً تميز بالرجوع إلى المصادر الأصلية وبعض المراجع التي سبق وتناولت أجزاء من هذا الموضوع، واستعان أيضاً بالوثائق الخاصة ببعض الأهالي والصور المحفوظة لدى بعض ممن عاشوا تلك المرحلة وحاولوا توثيق جزء منها، واعتمد أيضاً على إجراء أكثر من 70 مقابلة شخصية مع أشخاص من الذين عاصروا تلك الحقبة، يقع الكتاب في 505، صفحات من الحجم الكبير.

*مؤسسات

يستهل المؤلف مشواره بمقدمة تاريخية عن المدينة وموقعها الجغرافي وعن المكتشفات الأثرية بها، ويشتمل على عشرة فصول وهي: أولاً: الحياة الاجتماعية في مدينة خورفكان «الفرجان، المقيظ، مظاهر الأعراس، رمضان قديماً، الغوبانة أفراح الزمن الجميل»، ويتناول الفصل الثاني السفر الفردي إلى الكويت والسفر إلى هناك بالسفن الشراعية، والبواخر، والحياة الاجتماعية لأهالي المنطقة في الكويت، عودة المهاجرين إلى خورفكان، والكويت في الوجدان والذاكرة، بينما يتناول الفصل الثالث تاريخ الحركة الرياضية في مدينة خورفكان، ويتحدث فيه الكتاب عن بعض الأندية مثل نادي الأهلي الرياضي، نادي الشباب الرياضي الثقافي، نادي الشعب.. وغيرها، فيما يتوقف الفصل الرابع عند النشاط الاقتصادي في المدينة، ويتناول أنواع المهن مثل: الغوص وتجارة اللؤلؤ، صيد السمك، الزراعة، رعي وتربية المواشي ومهن وحرف أخرى، أما الفصل الخامس، فهو يتحدث عن المؤسسات الإدارية في مبنى الحصن، ومنها: الشرطة، القضاء، الكهرباء والماء، الجمارك، البريد، البلدية، والبنك البريطاني للشرق الأوسط في خورفكان.

*فنون شعبية

وفي الفصل السادس، يتوقف الكتاب عند «الخدمات الصحية في مدينة خورفكان قديماً»، ويستعرض أهم الأمراض التي كانت شائعة قديماً وطرق علاجها شعبياً، والفئات التي مارست الطب الشعبي، والأوبئة التي اجتاحت المنطقة في القرن الماضي، وبداية الخدمات الطبية في خورفكان، ومن تميز من أبناء خورفكان في مجال الطب، بينما يركز الفصل السابع على التطور التاريخي للتعليم في مدينة خورفكان، «بداية التعليم النظامي، وخريجو خورفكان، والجيل الأول من البعثات الخارجية وغيرها»، بينما يغوص الفصل الثامن في قضية التطور العمراني وأشكاله في المدينة، متناولاً «المساكن، البناء الحربي والمساجد»، أما الفصل التاسع، فهو يتحدث عن وسائل المواصلات وطرق النقل بين مدينة خورفكان والمدن الأخرى قديماً «الطرق البرية، دخول السيارات، الطريق بين مدينة خورفكان والشارقة، الطرق التي تم سلكها إلى الحج والطرق البحرية»، وفي استراحة مفعمة بالجمال والألق يتناول الفصل العاشر والأخير الفنون الشعبية والسينما والمسرح، ويتحدث عن أهم الفنون التي عرفت في مدينة خورفكان ولا تزال حتى الوقت الحالي مثل: «فن الرزفة أو الرزيف، فن المناناة، فن العازي، فن الويلية (الدان)، فن العيالة، فن الهبان، فن المالد، فن الرواح، الندبة الجبلية، فن «لارو»، الفنون البحرية، وفن النهمة».

ويضم الكتاب ألبوماً من الصور عن معالم المدينة وأهم مؤسساتها وشخصياتها في كافة المجالات، كما يضم صوراً للشخصيات التي أجرى معها المؤلف مقابلات، إضافةً إلى خاتمة وقائمة بأسماء الكتب والمراجع، بينما حمل الغلاف صورة كبيرة لجانب من مدينة خورفكان تظهر عراقتها وجمالها.

*مكانة

جاء في المقدمة التاريخية للكتاب، أن مدينة خورفكان قد حظيت بمكانة مميزة عبر العصور، وذلك لوقوعها في السهل الساحلي الشرقي للجزيرة العربية، المطل على بحر عمان، ويتميز هذا السهل بخصوبة تربته المتشكلة من الطمي الفيضي المنحدر إليه من سفوح الجبال المحيطة به؛ لذلك يتسم بثروته الزراعية، ووفرة مياهه من الآبار والأفلاج، وكانت مدينة خورفكان من أشهر مدن هذا السهل، وكان لموقعها القريب من مضيق هرمز الاستراتيجي دور في اشتهارها کمركز تجاري مهم، يصل بين الشرق والغرب، كما أنها ميناء طبيعي مطل على بحر عمان، ما أدى إلى استيطانها منذ أقدم العصور حتى وقتنا الحالي، واستمرار ازدهارها عبر التاريخ.

*إضاءة

الكتاب ومادته الغنية هو نتاج خبرة الدكتور عبد الله سليمان المغني، ومسيرته البحثية، وهو من مواليد خورفكان، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة الشارقة، وعمل موجهاً لمادة التاريخ والدراسات الاجتماعية. كما شارك في تأليف مناهج التاريخ والتربية الوطنية في وزارة التربية والتعليم، وهو باحث متخصص في التاريخ والتراث الثقافي الإماراتي والخليجي، ومؤلف وكاتب نُشر له العديد من الدراسات والبحوث والمقالات في التاريخ والتراث والثقافة، في عدد من المجلات والصحف، يشارك في العديد من المؤتمرات والندوات داخل الدولة وخارجها، له إسهامات إعلامية من خلال القنوات التلفزيونية المحلية، نال العديد من الجوائز، ومن أهم مؤلفاته کتاب بعنوان «تاريخ التجارة في الإمارات قديماً»، وخواطر نثرية بعنوان «أحلام تسابق الريح»، والعديد من المؤلفات الأخرى في ميادين شتى.

*اقتباسات

«الاكتشافات الأثرية في خورفكان تشير إلى أن المدينة استوطنت منذ الألف السابع قبل الميلاد».

«أبرز الاكتشافات في المدينة القبور والنقوش والعديد من اللقى الأثرية».

«في العصر الإسلامي ذُكرت المدينة بالاسم نفسه من قبل ياقوت الحموي».

«وُصفت خور فكان في المراجع القديمة بأنها (بليد)، أي أكبر من قرية، وأصغر من مدينة».

«ذكرها الرحالة الشهير ابن بطوطة في كتابه (تحفة الأنظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار)».

«احتوت المدينة على ميناء طبيعي مميز، فيه جزيرتان تجعلان حالته صالحة لرسو السفن».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/pf4rcuxk

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"