حوارية الأستاذة المناهج

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

حدّث القلم قال: هل تتخيّل كم كنت محظوظاً بلقاء الأستاذة المناهج العربية؟ كنت في توق وشوق إلى سؤالها عن أحوالها، فقد همس إليّ حاسدوها بأنها وهَن العظم منها، لافتقار تغذيتها إلى الكالسيوم، واشتعل رأسها شيباً، وإلى أصحاب القرار تُرجع الأمور.

سألتها: لقد نمى إليّ أن جناب التطوير حنى ظهره الدهر وهو يطلب وصالك، وأنت تلعبين به الاسكواش على جدران الصدود، وقيل إنك حطّمت الرقم القياسي الذي ضربته كوكب الشرق إزاء القصبجي حتى عاد كالعرجون القديم، فما القصّة، التي باتت في حلوق الشعوب غصّة؟ قالت: ماذا دهاك؟ لقد فاتك أن نظام التربية والتعليم حلقة في سلسلة، فكيف الأمر والحلقات غير مترابطة؟ هو عربة في قطار عرباته منفصلة.

في جلّ بلدان العالم العربي، لا يوجد تعليم مندمج في التنمية الشاملة، والتنمية غير موجودة أصلاً. في التنميات المتعثرة، لا تعرف الوزارات المعنيّة لماذا تُنشئ المدارس؟ لا تعلم ما هي وظائف التربية، وما هي مهمّات التعليم؟ وتظل الدول تدور في هذه المتاهات من دون سؤال: لماذا لا تُمحى الأمّيّة؟ لماذا تتفاقم البطالة؟ كيف تطيق رؤية أطفال الشوارع؟ كيف لا يندى الجبين أمام مشاهد عمل صغار في سن السادسة والسابعة والثامنة، في مهن تقصم الظهور كالبناء وتصليح السيارات؟ هل تريد أن تكون لك مراكز بحث علمي عالمية في أوضاع اقتصادية عاجزة عن الاستثمار في العلوم؟

قلت: البعض يرى أن صورة القطار ذي العربات المتلاصقة تجاوزها الزمن. قالت: العالم العربي لم تعد له قاطرة منذ عقود. العربات نفسها غير متماثلة، بعضها لا مثيل له حتى في أكثر بلدان الغرب تقدّماً، والبعض عجلاته خشبية، فإذا تحرك طارت أجزاؤه كسيارة شابلن. عطفاً على التعليم، لكي أنهض كمناهج، في التنميات المتعثرة، أحتاج إلى ميزانيات عملاقة، أما التنمية الشاملة فتتطلب أرقاماً نجوميةً، أم تريدون أن يظهر مارد المصباح السحري، فإذا التنميات المتعثرة دول عظمى قبل أن تقوم من مقام عثراتها؟

عموماً أمام تلك البلدان خطوات عاجلة، فهي في حاجة أوّلاً إلى حريات الفكر والرأي والتعبير، حتى تبحث العلل وطرائق العلاج بوضوح. بعد ذلك يحلّها حلّال. قلت: أراك مررت مرور الكرام على إعادة إعمار البلاد والعباد، فقد شقيت عيوننا بالطلول الدارسة. قالت: ما الفائدة؟ فمراكز البحوث والدراسات لا باحثة ولا دارسة. لزوم ما يلزم: النتيجة الفكريّة: حين تكون الأحوال كالأهوال، تمسي حتى محاورة النفس حوار طرشان.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2s336d6e

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"