عادي

شي وبوتين يدعوان إلى عالم «متعدّد الأقطاب» لمواجهة أحادية أمريكا

23:04 مساء
قراءة 4 دقائق

أستانا- أ ف ب

دعا الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ، الخميس، من آسيا الوسطى، إلى نظام عالمي «متعدّد الأقطاب» لمواجهة الأحادية الأمريكية التي يندّدان بها، وذلك خلال قمة جمعت دول عدّة تجمعها علاقات متوترة مع الغرب.

وأكّد بوتين، خلال الجلسة العامّة لمنظمة شنغهاي للتعاون التي تجمع خصوصاً روسيا والصين وإيران والهند ودولاً في آسيا الوسطى، أنّ إعلان أستانا «يؤكد التزام جميع المشاركين في منظمة شنغهاي للتعاون بتشكيل نظام عالمي عادل متعدّد الأقطاب».

من جهته، أكّد نظيره الصيني، أنّ «من الأهمية بمكان أن تضع منظمة شانغهاي للتعاون نفسها على الجانب الصحيح من التاريخ، إلى جانب العدالة والإنصاف».

وقال: إنّ إعلان أستانا الذي تمّ توقيعه في عاصمة كازاخستان، يلقي الضوء على «تغييرات مزلزلة تحصل على مستوى السياسة والاقتصاد العالميين وفي ميادين أخرى من العلاقات الدولية»، مؤكداً ضرورة «تعزيز منظمة شنغهاي للتعاون».

ويواظب بوتين وشي، اللذان يُظهران تفاهماً واضحاً ويعملان على تسريع التقارب بينهما وخصوصاً منذ الحرب الروسية على أوكرانيا، على التنديد ب«الهيمنة» المفترضة للولايات المتحدة على العلاقات الدولية، وكانا قد تعهّدا وضع حدّ لها.

وبعد انضمام إيران، إلى منظمة شانغهاي للتعاون العام الماضي، أصبحت بيلاروسيا المنبوذة من قبل الغرب بسبب دعمها للحرب التي تشنّها روسيا ضدّ أوكرانيا، العضو العاشر في منظمة شنغهاي للتعاون الخميس. وقال رئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشنكو، الذي يحكم البلاد منذ 30 عاماً: «لدينا القدرة على تدمير جدران عالم أحادي القطب».

«طالبان حليفتنا»

ويُنظر إلى منظمة شنغهاي للتعاون (بيلاروسيا، والصين، والهند، وإيران، وكازاخستان، وقرغيزستان، وأوزبكستان، وباكستان، وطاجيكستان) التي تأسست في عام 2011، واكتسبت زخماً جديداً في السنوات الأخيرة بقيادة بكين وموسكو، على أنّها منصّة تعاون منافس للمنظمات الغربية مع التركيز على الجانب الأمني والاقتصادي.

واعتبر بوتين في مؤتمر صحفي، أن حركة «طالبان» في أفغانستان «حليفتنا في مكافحة الإرهاب»، وذلك بعدما تعرضت روسيا لاعتداءات عدة في الأشهر الأخيرة. وقال: «طالبان هم بالتأكيد حلفاؤنا في مكافحة الإرهاب، لأن أي حكم قائم معني باستقلال حكمه واستقرار الدولة التي يديرها».

ولم يتم التطرق علناً إلى الحرب على أوكرانيا. لكن بوتين قال في المؤتمر: إن بلاده تنظر ب«جدية بالغة» إلى تصريحات لدونالد ترامب، أعلن فيها مراراً أنه سيوقف سريعاً النزاع بين كييف وموسكو في حال إعادة انتخابه رئيساً للولايات المتحدة.

وقال بوتين في مؤتمر صحفي في أستانا: «السيد ترامب، بوصفه مرشحاً للرئاسة، قال: إنه مستعد ولديه النية لوقف الحرب في أوكرانيا. ننظر إلى ذلك بجدية بالغة».

وشدد أيضاً مرة أخرى على معارضته أي وقف لإطلاق النار في أوكرانيا إذا لم تقدم كييف تنازلات «دائمة» لروسيا.

وفي السياق، دعا شي جين بينغ، الخميس، إلى «مقاومة التدخّلات الخارجية»، في إشارة واضحة إلى الدول الغربية وفي تكرار لأحد شعارات هذه المنظمة.

وتدخل قمة أستانا في إطار تحرّكات دبلوماسية مستمرّة في آسيا الوسطى، التي يجتمع قادة دولها بانتظام مع بوتين وشي.

وإضافة إلى أعضائها الثابتين، تضم منظمة الأمن والتعاون «شركاء في الحوار» خصوصاً تركيا عضو حلف شمال الأطلسي. وسيكون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حاضراً في قمة أستانا، فضلاً عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ما يعكس النفوذ المتنامي لهذه المنظمة، خصوصاً في آسيا.

غير أنّ الرئيس التركي، الذي يحتفظ بعلاقات متقلّبة مع الكرملين، كان قد دعا خلال اجتماع ثنائي مع بوتين إلى «سلام عادل» في أوكرانيا، الأمر الذي يعكس مقاربة سلبية بالنسبة إلى روسيا.

وفي هذا السياق، نقلت وسائل إعلام روسية عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، وصفه الوساطة التركية ب«المستحيلة»، بينما بدا منزعجاً أثناء حديثه عن الأمر. ورغم أنّ منظمة شنغهاي للتعاون تقول: إنّها تجمع 40 في المئة من سكّان العالم ونحو 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، إلّا أنّ هذه المجموعة تظلّ غير متجانسة وثمة انشقاقات عديدة بين أعضائها، وبعضها غارق في منافسات إقليمية.

آسيا الوسطى مرغوبة

وتستعرض روسيا والصين اتحادهما في مواجهة الغرب، ولكنهما تبقيان متنافستين في آسيا الوسطى الغنية بالنفط، والتي تحمل أهمية بالغة في إطار نقل البضائع بين أوروبا وآسيا. وتتمتع موسكو بنفوذ تاريخي في تلك المنطقة بسبب الماضي السوفييتي، بينما تتمتّع بكين بحضور متزايد هناك، كما أنّ لدى الغرب اهتماماً كبيراً فيها.

وتبقى إحدى أولويات منظمة شنغهاي للتعاون تعميق العلاقات الاقتصادية بين الدول الأعضاء وتطوير المشاريع اللوجستية الضخمة لربط الصين بأوروبا عبر آسيا الوسطى.

وتكثّف اهتمام الدول الكبرى بهذه المنطقة منذ الحرب الروسية على أوكرانيا، بينما أرادت موسكو الحفاظ على نفوذها التقليدي في دول آسيا الوسطى، التي أصبحت الآن مرتبطة بالصين بقوّة عبر مشاريع اقتصادية واسعة النطاق، أي من خلال «طرق الحرير الجديدة»، بينما يتودّد إليها الغرب بشدّة.

وأوقفت العقوبات الغربية ضدّ موسكو ممرّ النقل التقليدي الذي يربط الصين بأوروبا عبر روسيا، ما دفع الاتحاد الأوروبي ودول آسيا الوسطى إلى البحث عن طرق بديلة، خصوصاً تلك التي تعبر وسط آسيا، أي الممر عبر بحر قزوين.

وتعد مكافحة ما تسميّه بكين «الشرور الثلاثة» (الانفصالية والإرهاب والتطرّف) موضوعاً رئيسياً آخر بالنسبة إلى منظمة شنغهاي للتعاون.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/xax6e3rj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"