التخصص الجامعي

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

أُعلنت نتائج الثانوية العامة، وعمت الفرحة قلوب الطلبة الناجحين الذين حصدوا غرس المذاكرة، وسهر الليالي الطوال في مراجعة الدروس، نجاحاً أسعد كل من حولهم، ليطووا صفحة التعليم المدرسي، ويضعوا أعينهم صوب الجامعي. ويعتبر اختيار التخصص الذي يلائم إمكاناتهم ويتماشى مع رغباتهم، الطريق الأقصر لاستكمال مسيرة نجاحهم، التي قد يعرقلها تدخل أولياء الأمور، ومحاولة فرض رأيهم على أبنائهم، وإجبارهم على دراسة تخصص، لا يرغبون فيه، أو أن التكنولوجيا الحديثة، قيّدت وحدّت من وظائفه.

التخصص الجامعي يمثل أحد أهم القرارات التي يتخذها الشباب في حياتهم، إذ يؤثر بشكل كبير في مستقبلهم المهني والشخصي، ومع ذلك، يصبح هذا القرار معقداً أحياناً، بسبب التفاوت بين رغبات الطلبة وأحلام أولياء أمورهم، إذ يرى العديد من أولياء الأمور أن لديهم دوراً مهماً في توجيه أبنائهم نحو الاختيار الصحيح للتخصص الجامعي، ويعتمدون في ذلك على تجاربهم الشخصية، وتوقعاتهم حول سوق العمل، وفرص النجاح المالي.

غالباً ما يطمح الأهل إلى رؤية أبنائهم في مجالات مهنية مثل الطب أو الهندسة أو القانون، معتقدين أن هذه التخصصات توفر لهم حياة مستقرة وناجحة، لكن هذا الطموح قد يتعارض مع ميول ورغبات الأبناء، الذين ربما يجدون أنفسهم شغوفين بمجالات أخرى مثل الفضاء والذكاء الاصطناعي، مستندين إلى رؤى خاصة بهم حول ما يريدون دراسته وتحقيقه في حياتهم، متأثرين في ذلك بمواهبهم واهتماماتهم الشخصية، وكذلك بالتطورات التكنولوجية والعلمية الحديثة، فتراهم يبحثون عن تخصصات تعكس شخصياتهم، وتلبي طموحاتهم المستقبلية.

هذا التعارض بين رغبات الأهل والطلبة، تنتج عنه مشاكل متعددة، إذ يشعرون بالضغط النفسي والعاطفي، إذا لم تُحترم رغباتهم، ما يؤدي إلى انعدام الدافعية أو حتى فشلهم في الدراسة. وفي المقابل، قد يشعر الأهل بالإحباط، إذا لم يُستمع إلى نصائحهم، خاصة إذا كانوا يعتقدون أنهم يقدمون أفضل النصائح بناءً على خبراتهم.

لتحقيق توازن بين أحلام أولياء الأمور ورغبات الطلبة، يجب أن يكون هناك حوار مفتوح وصريح بين الطرفين، ويجب أن يستمع الأهل إلى أبنائهم ومحاولة فهم دوافعهم واهتماماتهم، كما ينبغي على الطلبة أن يوضحوا للأهل أسباب اختيارهم لتخصص معين، وكيف يرون مستقبلهم في هذا المجال.

من الأفضل أيضاً الاستفادة من المرشدين الأكاديميين والخبراء المهنيين الذين يمكنهم تقديم رؤى محايدة، ومستندة إلى المعلومات، حول التخصصات المختلفة وفرص العمل المتاحة. يمكن أن تسهم هذه النصائح في توضيح الصورة لكل من الأهل والطلبة، وتساعد على اتخاذ قرارات مستنيرة ومبنية على الواقع.

في النهاية، التخصص الجامعي هو قرار مشترك، يتطلب التفاهم والتعاون بين الأهل والطلبة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2v68rp7j

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"