انتخابات نوفمبر وعدم اليقين الاقتصادي

21:50 مساء
قراءة 4 دقائق

جيمي ماكغيفر *
إذا كان التاريخ دليلاً، فإن حالة عدم اليقين المحيطة بالانتخابات الرئاسية الأمريكية سترتفع مع اقتراب موعد التصويت في نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما قد يخلق رياحاً عكسية إضافية للاقتصاد الذي يُظهر بالفعل علامات فقدان الزخم.

ولم تبدأ مؤشرات عدم اليقين في السياسة الاقتصادية التي ترصد هذه الاتجاهات في الظهور بعد. ولكن على افتراض حدوث ذلك، فإن القلق المتزايد قد ينذر بنصف ثان أكثر هدوءاً من العام، ليس فقط بالنسبة للاقتصاد، بل لمؤشرات «وول ستريت» أيضاً.

وقد تم بناء الكثير من قوة سوق الأسهم هذا العام على توقعات قوية لنمو الأرباح. ومن المرجح أن يتم تعديل هذه التوقعات إذا تباطأ النمو الاقتصادي، أو الإنفاق الاستهلاكي، أو الاستثمار المؤسسي، أو حتى التوظيف.

وأظهرت بيانات معهد إدارة التوريدات مؤخراً أن نشاط التصنيع انكمش في يونيو/حزيران للشهر الثالث على التوالي، كما تراجعت معدلات التوظيف والطلبات الجديدة في قطاع الخدمات.

هذا هو المشهد الاقتصادي قبل أربعة أشهر من انتخابات نوفمبر التي لا يزال من المتوقع أن تشهد تنافساً بين المرشحين الأوفر حظاً الرئيس الحالي جو بايدن والسابق دونالد ترامب، على الرغم من أداء الرئيس الحالي في المناظرة التلفزيونية الأخيرة، والذي أثار انتقادات واسعة.

لقد أنتجت الشعبوية، والاستقطاب، بالإضافة إلى السباق الرئاسي المحتدم المتوقع بيئة خصبة لارتفاع مؤشر عدم اليقين في السياسة الاقتصادية (EPU)، وهو مؤشر قائم على عناوين الأخبار تم إنشاؤه في عام 2016 من قبل أساتذة الاقتصاد ستيفن جيه ديفيس، وسكوت آر بيكر، ونيك بلوم.

ويحدث ارتفاع مؤشر عدم اليقين في السياسة الاقتصادية، عندما تُجبر التوقعات الضبابية للسياسة الحكومية المستهلكين على تأخير الإنفاق، والشركات على تجميد الاستثمار والتوظيف.

ويقول محللون في شركة «برانديواين غلوبال» إن هذا قد يحدث بالفعل، مبينين تراجع مؤشر الظروف الاقتصادية الحالية لجامعة ميشيغان إلى ما دون التوقعات، وهو حدث نادر يدل على أن المستهلكين قلقون بشكل غير عادي. وكتب هؤلاء: «إن وجهة نظرنا في هذا التطور هي أن دورة الانتخابات هذا العام، سواء كانت مضمونة أم لا، تؤثر بالفعل في المستهلك الأمريكي، وبالتالي في قطاع الأعمال».

ولفت ستيفن جيه ديفيس، الزميل البارز في مؤسسة «هوفر» والمؤسس المشارك لمؤشر (EPU)، بأن المستوى الحالي لعدم اليقين في السياسة الاقتصادية في الولايات المتحدة يشكل لغزاً إلى حد ما، وذلك بالنظر لضبابية المشهد المالي والنقدي والجيوسياسي قبيل الانتخابات.

لم يدخل الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود بعد، على الأقل رسمياً. لكن تقديرات تتبع نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا انخفضت إلى 1.5% من 4% في منتصف مايو/أيار، والمفاجآت الاقتصادية الأمريكية هي الأكثر سلبية في عامين.

وفي عام 2016، وجد بحث ديفيس أن عدم اليقين السياسي على المستوى الجزئي يرتبط بتقلبات أكبر في أسعار الأسهم، وانخفاض الاستثمار والعمالة في القطاعات الحساسة للسياسة مثل الدفاع، والرعاية الصحية، والتمويل، والبناء.

إن النتائج على المستوى الكلي أقل وضوحاً، لكن عدم التشويش المتزايد يميل إلى التنبؤ بانخفاضات في الاستثمار والإنتاج والعمالة. وعادة ما يرتفع مؤشر عدم اليقين في السياسة الاقتصادية بحلول وقت الانتخابات.

وفي ورقة عمل ملحقة ببحثهم عام 2020 بعنوان «الانتخابات والاستقطاب السياسي وعدم اليقين الاقتصادي»، وجد ديفيس وزملاؤه أن مؤشر عدم اليقين في السياسة الاقتصادية يزيد بنسبة 18% في نوفمبر من الانتخابات الرئاسية «النموذجية». وعندما تكون النتائج متقاربة ومستقطبة، بهامش فوز أقل من 5%، يقفز المؤشر بنسبة 28% في شهر الانتخابات.

وهذا مدعوم بنتائج ورقة بحثية صدرت عام 2018 بعنوان «الصراع الحزبي والاستثمار الخاص» بقلم مارينا أزيمونتي، الخبيرة الاقتصادية البارزة ومستشارة الأبحاث في بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، والتي أشارت بأن احتدام الصراع الحزبي في واشنطن يمكن أن يقلل الاستثمار المؤسسي بنسبة تصل إلى 27%، ويبطئ الاستثمار المباشر الأجنبي.

ومن خلال دراسة وتحليل البيانات على مدى ثلاثين عاماً من 1985 إلى 2016، وجدت أزيمونتي أن ارتفاعاً بنسبة 10% في «مؤشر الصراع الحزبي التجاري» يتوافق مع انخفاض بنسبة 7% في الاستثمار المباشر الأجنبي عن المتوسط.

وفي هذا السياق، تذكر الاضطرابات الأخيرة في أسواق المكسيك والهند وفرنسا المستثمرين، بضرورة ألا يقللوا من شأن المخاطر السياسية أو يتجاهلوها على مسؤوليتهم الخاصة. وهناك دلائل تشير إلى أن سوق السندات الأمريكية بدأت تضع في الحسبان فوز ترامب والسخاء الضريبي الذي قد يترتب على ذلك.

لقد تحولت أسواق المراهنات في الولايات المتحدة بشكل كبير لصالح الرئيس السابق في أعقاب المناظرة التلفزيونية قبل أيام. ولكن الوقت لا يزال مبكراً للحسم، وقد أظهرت الانتخابات الأخيرة مدى ضآلة هوامش النصر والهزيمة.

ومع احتمالية أن تكون النتيجة متقاربة للغاية في عدد من الولايات، فهناك مجال كبير لارتفاع مؤشر عدم اليقين في السياسة الاقتصادية في الأشهر المقبلة. ولو تضاءل النمو حقاً، سيكون على الأسواق الحذر أثناء عبورها طريق الانتخابات الوعر القادم.

* كاتب صحفي ومحلل مالي في «رويترز»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/554et4av

عن الكاتب

كاتب في «رويترز»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"