الكرملين: تحرك الأطلسي للسماح لكييف بضرب العمق الروسي «تصعيد»

اعتبرت الرئاسة الروسية أن تحرك بعض دول الأطلسي للسماح لكييف بضرب روسيا بأسلحتها «تصعيداً»، غداة إلحاح كييف للحصول على إذن من الحلفاء لشنّ ضربات في روسيا لتدمير القواعد الجوية، ودعا المدعي العام الأوكراني المحكمة الجنائية الدولية إلى اعتبار الهجوم الروسي على مستشفى الأطفال في كييف جريمة حرب.

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أمس الجمعة، إنه لاحظ بعض التصريحات من دول غربية خلال قمة حلف شمال الأطلسي الأسبوع المنصرم التي من شأنها السماح لكييف باستخدام أسلحة زودتها بها لضرب الأراضي الروسية في خطوة وصفها بأنها تصعيد خطير. وقال للصحفيين «رأينا تصريحات لممثلي بعض العواصم منها لندن وغيرها، لا يرون أي عوائق في هذا الصدد ونرى دولاً تحاول الحفاظ على التوازن وتقول إنها ضد مثل هذا التساهل في ضوابط استخدام الصواريخ بعيدة المدى». وأضاف بيسكوف أن موسكو تعتقد أن مثل هذه الأسلحة تستخدم بالفعل لضرب أراضٍ روسية. وقال «لكن في النهاية، الشيء الرئيسي هو أن هذه الصواريخ تضرب أراضينا بالفعل... أما التمادي في ذلك، فهو استفزاز محض وتصعيد جديد وخطير للغاية للتوتر».

كان أندريه يرماك رئيس مكتب الرئيس الأوكراني قد دعا حلف شمال الأطلسي إلى إنهاء القيود المفروضة على استخدام الأسلحة التي يزودها أعضاء الحلف أوكرانيا لضرب أهداف داخل روسيا، قائلاً إن ذلك سيغير قواعد اللعبة في الحرب مع موسكو.

وقال ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، إن كييف تريد من حلفائها رفع القيود التي تعوقها من شنّ هجمات بعيدة المدى داخل روسيا حتى تتمكن من تدمير القواعد الجوية الروسية، حيث توجد الطائرات المستخدمة في تنفيذ هجمات على أوكرانيا. وأضاف أن كييف تسعى إلى تدمير القواعد الجوية التي تنطلق منها الطائرات الروسية لتنفيذ «ضربات واسعة النطاق ومتعمدة على السكان المدنيين والأهداف المدنية».

قال سلاح الجو الأوكراني الجمعة إنه أسقط إجمالي خمسة صواريخ كروز من طراز كيه.إتش-101 وأيضاً 11 من أصل 19 مسيّرة أطلقتها روسيا. وذكرت القوات الجوية في بيان أن الهدف الرئيسي لروسيا كان بلدة ستاروكوستيانتينيف، وهي قاعدة جوية أوكرانية مهمة استهدفتها موسكو مراراً.

وأضاف البيان أن القوات الجوية أسقطت 11 مسيّرة فوق ست مناطق أوكرانية، لكنها لم تحدد موقع المسيّرات الثماني المتبقية التي تم إطلاقها في الهجوم.

ودعا المدعي العام الأوكراني أندريه كوستين المحكمة الجنائية الدولية إلى محاكمة روسيا بشأن هجوم صاروخي شنته على مستشفى للأطفال في كييف في وقت سابق من الأسبوع الماضي. كان مسؤولون أوكرانيون قد قالوا إن كييف تعرضت يوم الاثنين لأحد أسوأ الهجمات الجوية منذ بداية العملية العسكرية الروسية الخاصة، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 44 شخصاً من بينهم شخصان بالغان في مستشفى أوخماتديت للأطفال. وتنفي موسكو مهاجمة المستشفى وتلقي باللوم على قذائف مضادة للصواريخ أطلقتها أوكرانيا في إصابة المستشفى، وهو أحد أكبر المستشفيات في أوروبا ويعالج الأطفال الذين يعانون حالات خطيرة مثل السرطان وأمراض الكلى.

على صعيد آخر، رفض الكرملين الجمعة تقريراً أفاد بأن الولايات المتحدة وألمانيا أحبطتا مخططاً روسياً لاغتيال الرئيس التنفيذي لشركة ألمانية كبيرة لإنتاج الأسلحة تزود أوكرانيا، معتبرة أن هذه المعلومات لا تستند إلى «أي حجج جدية». وردّاً على سؤال بشأن التقرير قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف «كل ذلك تم تقديمه بأسلوب الأخبار المضللة، لذا لا يمكن أخذ مثل تلك التقارير على محمل الجد». وأضاف «من الصعب جداً بالنسبة لنا أن نعلق على تقارير لوسائل إعلام مختلفة لا تحتوي على أي حجج جدية وتستند إلى مصادر مجهولة».

وأوردت شبكة سي إن إن الخميس نقلاً عن خمسة مسؤولين أمريكيين وغربيين لم تسمّهم، أن الولايات المتحدة أبلغت ألمانيا في وقت سابق من هذه السنة بمخطط للحكومة الروسية لقتل أرمين بابرغر رئيس شركة راينميتال لصنع الأسلحة التي تزود أوكرانيا. وأضافت أن مخطط الاغتيال كان ضمن سلسلة مخططات كشفتها الاستخبارات الأمريكية تهدف إلى اغتيال مديرين تنفيذيين في صناعات الدفاع الأوروبية ممن يدعمون المجهود الحربي الأوكراني بمواجهة روسيا.

إلى جانب ذلك، قال المدعي العام الروسي، إن محكمة أسستها روسيا في منطقة دونيتسك قضت بسجن مسؤول بمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا 14 عاماً بتهمة التجسس لصالح وكالات استخبارات أجنبية لم يحددها. وذكر المدعي العام أن فاديم جولدا جمع في عام 2021 معلومات عن مواقع صناعية في منطقة دونيتسك والتي تم استخدامها بعد ذلك لتوجيه ضربات صاروخية في المنطقة.

وقالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومقرها فيينا إن قادتها «يدينون بشكل قاطع» الحكم ودعوا إلى إطلاق سراح جولدا وموظفين سابقين آخرين بالمنظمة سجنتهما روسيا بتهمة الخيانة في 2022. ونشرت المنظمة بعثة مراقبة في شرق أوكرانيا بين عامي 2014 و2022.

كما أصدرت محكمة روسية عقوبة السجن خمس سنوات بحقّ طالب في مدينة بيروبيدجان الواقعة في أقصى شرق البلاد على بُعد 6000 كيلومتر من أوكرانيا، بعدما دانته بتزويد كييف مواقع انتشار القوات الروسية. وقال جهاز الأمن الفيدرالي الروسي إنّ الطالب الذي لم يُذكر اسمه جمع معلومات «باستخدام الإنترنت» عن «القوات الروسية ومواقع الوحدات العسكرية في منطقة العملية العسكرية الخاصة» في أوكرانيا وذلك مقابل أموال تلقاها من الاستخبارات الأوكرانية. وأضاف الجهاز أنّ المحكمة دانته بتهمة الخيانة لكنّها خفضت عقوبته إلى السجن المشدّد لمدة خمس سنوات بالإضافة إلى عقوبة مجتمعية لمدة سنة لأنّه أقرّ بالذنب وتعاون مع المحقّقين.

وطالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة أول أمس الخميس روسيا «بسحب العسكريين وغيرهم على وجه السرعة» من محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا وإعادتها إلى السيطرة الكاملة للسلطات الأوكرانية.ووافقت الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً على قرار بهذا الشأن بأغلبية 99 عضواً مقابل اعتراض تسعة أعضاء وامتناع 60 عن التصويت.

وسيطرت روسيا على محطة زابوريجيا، وهي الأكبر في أوروبا، بعد فترة وجيزة من شن عمليتها العسكرية الخاصة واسعة النطاق على أوكرانيا في فبراير 2022.

ويدعو قرار الأمم المتحدة «إلى الوقف الفوري للهجمات التي تشنها روسيا الاتحادية على البنية التحتية الحيوية للطاقة في أوكرانيا، والتي تزيد من احتمال وقوع حادث نووي».

(وكالات)