مزيد من العمل بدوام جزئي

21:52 مساء
قراءة 4 دقائق

بريان مينا*
كان الطلب على الوظائف بدوام كامل، من يناير/كانون الثاني 2022 إلى مايو/أيار هذا العام، هو النوع الثابت والأكثر شيوعاً حتى الآن على موقع التوظيف «إنديد»، وذلك وفقاً لتحليل حديث لملايين الوظائف المعلن عنها. لكن الملاحظ أن الإعلانات عن الوظائف بدوام جزئي ارتفعت بنحو 10% خلال نفس الفترة، وظلت بالقرب من مستوياتها العالية منذ ذلك الوقت.

وبحسب بيانات وزارة العمل الأمريكية، أظهر نشاط التوظيف اتجاهاً مشابهاً، مع نمو مستوى العمل بدوام جزئي بنسبة 8.9% في مايو الماضي مقارنة بيناير 2022. فيما ازدادت نسبة التوظيف بدوام كامل 1.5% خلال نفس الفترة.

ويشير ذلك إلى نقطة تحول رئيسية في سوق العمل، وهو الجانب المهم من الاقتصاد الذي يراقبه بنك الاحتياطي الفيدرالي عن كثب لتقدير توقيت أول خفض لأسعار الفائدة، بعد أن رفع تكاليف الاقتراض إلى أعلى مستوى في 23 عاماً لمكافحة التضخم.

وشرحت رئيسة المركزي في سان فرانسيسكو ماري دالي، كيف تغير سوق العمل مؤخراً وما قد يكون عليه في المستقبل. وقالت:

«حتى الآن، تكيف سوق العمل ببطء، وارتفع معدل البطالة قليلاً فقط. لكننا نقترب من نقطة تكون فيها هذه النتائج الجيدة أقل احتمالية». معتبرة أن تباطؤ سوق العمل أكثر في المستقبل سيؤدي إلى جموح معدلات البطالة، وستضطر الشركات إلى التكيف ليس فقط مع الوظائف الشاغرة، لكن مع القائمة أيضاً. ولا يزال سوق العمل في الولايات المتحدة قوياً بشكل عام، لكنه تباطأ بعض الشيء على مدار العام الماضي؛ إذ ارتفع معدل البطالة إلى 4% في مايو، بعد أن ظل أقل من تلك العتبة المنخفضة بشكل استثنائي لأكثر من عامين. وارتفع معه عدد الطلبات الجديدة للحصول على إعانات البطالة، وهو مؤشر على تسريح العمال. حيث وصلت المطالبات المستمرة الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى لها منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021. وسجلت الأرقام الحكومية 8.1 مليون وظيفة شاغرة في إبريل/نيسان الماضي، انخفاضاً عن أعلى مستوى قياسي بلغ 12.2 مليون وظيفة شاغرة في مارس/آذار 2022.

وأشار تقرير «إنديد» إلى أن التغيير قد يكون علامة على ضعف صاحب العمل أو قوته، ما يؤكد حالة عدم اليقين المتزايدة في سوق العمل. فهل يبتعد أصحاب العمل عن تكاليف توظيف عمال بدوام كامل، أم يستعينون بقوة عاملة حريصة على المرونة التي يمكن أن يوفرها جدول العمل بدوام جزئي؟

وسواء كان ذلك بسبب الضرورة التنافسية لجذب العمال في سوق لا يزال ضيقاً مع الوعد بمرونة إضافية، أو بسبب الضرورة الاقتصادية مع تباطؤ الاقتصاد وانخفاض ساعات العمل المطلوبة، فإن النتيجة بالنسبة للعمال واضحة: «المزيد من الوظائف، بدوام جزئي، المتاحة لأولئك الذين يرغبون فيها أو يحتاجون إليها». كما جاء في التقرير.

وكان قطاع التجميل وخدمات العافية، الأكثر ترجيحاً للإعلان عن الوظائف بدوام جزئي اعتباراً من مايو 2024، تلاه قطاعات الرعاية الشخصية والصحة المنزلية، وتجارة التجزئة، وخدمات الإطعام، والرياضة.

وسجل ذاك الشهر أيضاً أكبر زيادات في الوظائف الشاغرة التي تقدم عملاً بدوام جزئي مقارنة بالعامين السابقين، حيث بلغت نسبة النمو 26.9% في قطاع التجميل وخدمات العافية، و10.2% في التسويق، و9.9% في قطاع الضيافة والسياحة، و8.9% في الإعلام والاتصالات، إضافة إلى زيادة نسبتها 7.9% في وظائف الفنون والترفيه.

ووفقاً لبحث أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، ارتفع العمل بدوام جزئي بشكل حاد خلال فترة الركود والأزمة العالمية بين عامي 2007 و2009. لكن العكس كان صحيحاً عندما سجل الاقتصاد انتعاشاً مذهلاً بعد الركود القصير في عام 2020، بحسب دانييل كولبيرتسون، الخبير الاقتصادي الذي كتب تقرير «إنديد».

في غضون ذلك، لم ترتفع أسعار السلع في الولايات المتحدة في مايو/أيار للمرة الأولى منذ نوفمبر/تشرين الثاني، ما أعطى الأمريكيين الحذرين من التكاليف شعوراً بالراحة، وساعد على جلب التضخم إلى مستوياته الطبيعية. وظل مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو مقياس تضخم يخضع لمراقبة دقيقة ويستخدمه بنك الاحتياطي الفيدرالي لقياس ما إذا كان الاقتصاد يقترب من هدفه البالغ 2%، ثابتاً عند 2.7% في إبريل ومايو، لكنه تباطأ إلى 2.6% في نهاية يونيو، وفقاً لبيانات وزارة التجارة الصادرة مؤخراً. كما ساعد انخفاض أسعار الغاز (بنسبة 2.1%) على إبطاء التضخم الإجمالي، في حين صعدت أسعار المواد الغذائية بنسبة متواضعة بلغت 0.1%.

وباستثناء الطاقة والغذاء، الفئات التي تميل إلى التقلب، ارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي بنسبة 0.1% في مايو. ومع ذلك، انخفض إلى أدنى مستوى له في ثلاث سنوات عند 2.6% مقابل 2.8% سجلها في إبريل.

وارتفع مؤشر الإنفاق الاستهلاكي، وهو المحرك الرئيسي للنشاط الاقتصادي، بنسبة 0.2% خلال الشهر، متسارعاً من 0.1% في الشهر السابق. وباستثناء التضخم، نما الإنفاق الحقيقي بنسبة 0.3%.

* كاتب متخصص في الاقتصاد الأمريكي «سي إن إن»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4adxzcft

عن الكاتب

كاتب متخصص في الاقتصاد الأمريكي «سي إن إن»

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"