عادي
صيفنا قراءة

إبراهيم سالم: الكتب تجعلنا أكثر تحضراً

19:30 مساء
قراءة 3 دقائق
إبراهيم سالم

الشارقة: علاء الدين محمود

يعود المسرحي إبراهيم سالم، في سياق حديثه عن القراءة والصيف، إلى الوراء نحو قرابة العشرين عاماً من الآن، حيث كان الاطّلاع هو واحة وملجأ الجميع، ولم يكن هناك وقت معين لممارسة ذلك الشغف، ويسهب سالم في مديح القراءة عندما يشير إلى أنها تحسّن من السلوك، والقيم، والأخلاق، وتجعل المرء يتعامل بطريقة مختلفة، فهي تهذب الدواخل وتخلق إنساناً مختلفاً يمارس حياته بصورة أكثر وعياً، وعقلانية، إنها تعلن عن كائنات أكثر تحضراً ورقيّاً.

ويلفت سالم إلى أن هذا العصر أحدث الكثير من المتغيرات بفضل التقدم التكنولوجي، بحيث صارت عملية المعرفة أكثر سهولة، فبضربة زر واحدة يستطيع المرء أن يتجول في عوالم وأنماط مختلفة من المعارف من أدب، وفكر، وعلوم، وغير ذلك، وهذا عزز من قيمة القراءة، وأهميتها، وأكد فكرة أن الاطّلاع لا يرتبط لا بالوقت، ولا بالزمن، غير أن البشر في هذا العصر صاروا بالفعل أكثر انشغالاً بالسعي وراء العديد من الأمور، وعلى رأسها العمل، ما يجعل من الصيف وقتاً مثاليا للقراءة المختلفة، والمتعمقة، حيث يتحرر المرء من همومه اليومية، ويلجأ إلى البيت، ويجد نفسه في حاجة إلى القراءة، وتحصيل مزيد من المعارف، فيكثف اطّلاعه خلال هذه الفترة.

مئة عام من العزلة

* جولة

ويتجول سالم في ضروب شتى من المعارف، فهو شغوف بفعل القراءة نفسها، لذلك لا يسجن نفسه داخل تخصص معين، يقبل على قراءة الروايات، والأدب، والبحوث، والمؤلفات المسرحية، والمواضيع العلمية، وله شغف خاص بالتاريخ، وتتبع القصص، والسير الخاصة بالشخصيات المؤثرة في مختلف المجالات، فهي تمنحنا التجربة والحكمة، إضافة إلى عالم الأثير «أبو الفنون».

ويطمح سالم إلى قراءة «سلسلة المسرح العالمي» عن الهيئة العربية للمسرح، التي وصلت قرابة ال200 إصدار، وهي تضم روائع، وقصصاً، وحكايات مسرحية، ولابد للمسرحي الاطلاع عليها، ولسالم اهتمام خاص باللغة العربية، ويسعى نحو الاطلاع على مؤلفات متخصصة في هذا المجال.

البؤساء

وفي جعبة سالم العديد من المؤلفات، ولديه محبة خاصة بقراءة أدب القصة القصيرة الذي يتميز بالأفكار المختزلة، والحبكة، والتكثيف، وبروز المعنى بصورة أكثر وضوحاً، ومن الكتاب الذين يكن لهم إعجاباً خاصاً، الروسي أنطوان تشيخوف، لأن العديد من قصصه تحولت إلى مسرحيات، فهذا الكاتب له قيمته الأدبية والدرامية، فهو يتحدث عن واقع الإنسان، ويطرح أفكاراً معقدة.

وفي رصيد سالم عدد من المؤلفات القصصية لتشيخوف مثل: «موت موظف»،التي تمتلئ بالمفارقات الغريبة والعبثية، وتتكئ على أفكار معقدة، وتشير إلى الغوص العميق من قبل الكاتب في النفس البشرية، في محاولة لفهم تناقضاتها، ويشير سالم إلى أن الأعمال الكاملة لتشيخوف تستحق أن تقرأ أكثر من مرة واحدة.

ويفضّل سالم أن يقرأ الأعمال المسرحية التي لها علاقة بالكوميديا الهادفة، مثل كتابات موليير، وعدد من المؤلفين الروس، موضحاً أنه يعمل كذلك على قراءة مسرحية «النافذة»، للكاتب البولندي ‪إيرينيوش إيريدينسكي‬، والتي تتحدث عن علاقة بين زوج وزوجته في قالب اجتماعي، مع كوميديا موظفة بطريقة مميزة.

موت موظف

*عالم شكسبير

وبحكم الدراسة والتخصص، فقد اطّلع سالم على مجمل الإنتاج الأدبي لشكسبير، ويعمل في كل مرة على تجديد اللقاء بالكاتب الكبير عبر إعادة قراءة مؤلفاته، أو البحث عن تلك التي لم يطلع عليها، ويشير إلى مؤلفات شكّلت وجدانه الفني وذائقته الجمالية مثل: «هاملت»، و«يوليوس قيصر»، و«ماكبث»، و«عطيل»، ومؤلفات أخرى، موضحاً أن أعماله محتشدة بالرؤى والأفكار وهي تثير الأسئلة، وتحرّض على التأمل، فقراءة شكسبير، مرة أخرى مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لأي مسرحي، أو قارئ محب للأدب والمسرح، ويشير سالم إلى أنه يعمل على إعادة قراءة نص له خصوصيته بالنسبة له، وهو مسرحية «الملك لير»، والتي تحتفي بالأفكار ويتأمل الحياة، ويبحث في الكثير من المفاهيم، وقد تمنى أن يؤدي دور لير في عرض مسرحي، فهو شخصية مركبة، ارتقت سلم المجد والسلطان لتجد نفسها فجأة في القاع، وتلك هي طبيعة الحياة، لذلك فالمسرح هو شديد الالتصاق بالواقع.

وللرواية كذلك مكانة خاصة في تفضيلات سالم القرائية، بخاصة روايتي الأديب فيكتور هوجو «أحدب نوتردام»، و«البؤساء»، فهذه الأخيرة تتناول مأساة تهز الضمير الإنساني، لذلك دائماً ما يعود إليها، ويرى سالم أن وراء كل عملية إعادة قراءة معرفة جديدة مختلفة، ويضع سالم نصب عينيه خلال هذا الصيف واحدة من أجمل الروائع الأدبية العالمية وهي رواية «مئة عام من العزلة»، لغابرييل غارسيا ماركيز.

ويدعو سالم القراء نحو التوجه إلى الاطّلاع على أشكال مختلفة ومتنوعة من الكتب، مع ضرورة قراءة المؤلفات التي يفضلونها، فالتجول في عوالم مختلفة يراكم رصيد الإنسان من المعارف.

وليس لدى سالم طقس معين في القراءة، فهو يمارس فعل الاطّلاع في أيّ وقت، وأيّ مكان، وعندما يبدأ قراءة أول صفحة في الكتاب فهو يكمله، حتى إن كان لا يعجبه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4943ha6z

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"