ضرائب الأغنياء ليست حلاً

22:27 مساء
قراءة 3 دقائق

كريس ماك إيزاك*
عندما سُئل في المناظرة الرئاسية الشهر الماضي عما سيفعله لمعالجة الإفلاس الوشيك لصندوق الضمان الاجتماعي، رد الرئيس جو بايدن بأن الحل هو بفرض المزيد من الضرائب على الأشخاص فائقي الثراء، وإلزامهم بدفع نصيبهم العادل من الأموال، يأتي هذا مع استمرار معارضته لخفض الفوائد من أي نوع.

وفي حين أنه من المؤكد أن الضمان الاجتماعي مهدد بسبب العجز التمويلي الضخم، والذي لا يمكن حله إلا إذا سنّ المشرعون تصحيحات سياسية جوهرية، فإن مشاكله لا ترجع إلى المهاجرين. بل على العكس من ذلك، تعمل الهجرة على تعزيز موارد الضمان الاجتماعي المالية، وهناك سوء فهم مماثل بشأن المهاجرين والجريمة وسوق العمل.

عملياً، يشبه هذا النهج القائم على الضرائب محاولة إصلاح سد متصدع بشريط لاصق. وبدلاً من حل المشكلة، يمهد الطريق لنفس الجمود السياسي الذي منع الكونغرس من التصرف بشأن إصلاح الضمان الاجتماعي على مدى العقود الأربعة الماضية.

يتم تمويل الضمان الاجتماعي في المقام الأول من خلال ضريبة رواتب قدرها 12.4% على أجور العمال الأمريكيين. وتُطبق الضريبة على أول 168600 دولار من الأجور، وتُولد أكثر من تريليون دولار من الإيرادات سنوياً، وهو ما يعادل ربع إجمالي تحصيلات الضرائب الفيدرالية.

وتُستخدم عائدات الضريبة لدفع رواتب المتقاعدين، وفي السنوات التي تتجاوز فيها مدفوعات الاستحقاقات عائدات الضرائب، يتم سحب الفرق من صندوق الضمان الاجتماعي الذي يبلغ حالياً ما يقرب من 2.8 تريليون دولار، ولكن من المتوقع أن يعاني الضمان عجزاً في المستقبل من شأنه أن يدفع رصيد الصندوق إلى الصفر على مدى العقد المقبل، ويتسبب في خفض تلقائي للاستحقاقات بنحو 20 في المئة.

ولتجنب خفض الاستحقاقات لملايين كبار السن واستقرار الضمان الاجتماعي على المدى الطويل، اقترح الرئيس بايدن زيادة الإيرادات من خلال تطبيق ضريبة الرواتب على الأجور التي تزيد على 400 ألف دولار. وبينما قد يزعم البعض أن الأثرياء يستطيعون تحمل دفع المزيد من الضرائب، فإن زيادتها لن يؤدي إلا إلى تأخير النقص الحتمي. وبحسب كبير خبراء الضمان الاجتماعي، ستيفن غوس، فإن استنزاف الأغنياء من خلال مقترحات مثل هذه من شأنه أن يؤخر الإفلاس مدة 10 سنوات ويحل 60% فقط من «العجز الاكتواري» طويل الأجل لتحديد المخاطر والتكاليف. بعبارة أخرى، لن تكون زيادة الضرائب وحدها كافية.

من الناحية النظرية، هناك ضرائب أخرى يمكن تعديلها، مثل رفع معدل ضريبة الرواتب أو توسيع نطاق تطبيق ضريبة «أوباما كير» على أرباح الاستثمار، لكن الزيادات الضريبية على هذا النطاق الهائل من شأنها أن تضر بالنمو الاقتصادي وتواجه مقاومة قوية من المحافظين في الكونغرس. وكل هذا يشير إلى استمرار التقاعس والتأخير في قضية تزداد صعوبة حلها عاماً بعد عام.

ويتم حالياً، على نطاق أوسع، طرح سياسات فرض الضرائب على الأغنياء بانتظام كحل شامل للعديد من أولويات السياسة التقدمية. ولكن هناك حد لمدى ارتفاع الضرائب عملياً، والموارد اللازمة لتمويل إصلاح الضمان الاجتماعي تمثل جزءاً كبيراً من هذه القدرة المتصورة.

والنظرة المتفائلة بشأن اقتراح بايدن، وربما هاريس الآن، هي أنه يتخذ موقفاً يمكن تعديله من خلال التفاوض. ولكن إذا كرر التاريخ نفسه، فلن تحدث هذه المفاوضات أبداً لأن الديمقراطيين والجمهوريين يتجنبون القضية كل عام لتحقيق أفضل مكاسب سياسية ممكنة. وبدلاً من ذلك، فإن مقترحات كالتي أدلى بها الرئيس الحالي، أو خطة الحزب الجمهوري الجديدة لإصلاح الضمان الاجتماعي من خلال استعادة «الاستقرار الاقتصادي»، توفر للأمريكيين ببساطة انطباعاً خاطئاً عما هو ضروري بالفعل لحل تحدي الضمان الاجتماعي. والنتيجة هي التقاعس المستمر والآفاق الحقيقية لخفض المزايا بنسبة 20 في المئة، والتي ستؤثر في جميع كبار السن في السنوات العشر المقبلة.

وكخطوة أولى لتجنب هذه النتيجة المتوقعة، حان الوقت لقادة الولايات المتحدة لتجاوز المقترحات الكلامية، وبدء إظهار مزيد من الصدق والشفافية مع الشعب الأمريكي بشأن نطاق المشكلة عموماً، والتعبير عن المقايضات والتنازلات الحقيقية المطلوبة للحفاظ على قدرة الضمان الاجتماعي للأجيال القادمة.

يريد الديمقراطيون حماية وتوسيع الضمان الاجتماعي، ودفع ثمنه من خلال إلزام أصحاب الملايين والمليارات بالمساهمة بنصيبهم العادل. فيما يرغب الجمهوريون بخفض فوائد الضمان الاجتماعي المتواضعة بالفعل، وتقديم إعانات ضريبية ضخمة للأثرياء.

وبين هذا وذاك، سيحتاج الكونغرس إلى التصويت من جديد على رفع سقف الدين. ولتجنب محاولة أخرى لأخذ الضمان الاجتماعي رهينة، من المهم معرفة من يسيطر على مجلسي النواب والشيوخ والبيت الأبيض.

*زميل في برنامج الحوكمة في معهد «آرستريت»(ذا هيل)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3cnu4udp

عن الكاتب

زميل في برنامج الحوكمة في معهد «آرستريت»(ذا هيل)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"