السفر والتغيير التاريخي

00:10 صباحا
قراءة دقيقتين

سنوات، تلو السنوات، والبشرية تسافر، سواء للعمل أو الدراسة أو الاستجمام، أو الاستكشاف، ودائماً كانت الوجهات تركز على قارة، ودول معينة، والمتابع لهذه الدول بعد عقد من الزمن، أصبحت في حالة جغرافية وسياسية وتاريخية مختلفة عما كانت عليه. إن من العجب أن هناك تغييراً جذرياً في حركة السياحة مرتبطة بشكل كبير في أمن البلد ومدى رحابة أهله للقادم.

اليوم ومع انفتاح العالم، وكثرة حركة الطيران، وفتح الكثير من المدن والدول التي كانت في السابق صعبة، أصبحت حركة الانتقال سهلة، وتلك الدول التي لم تكن متاحة للسائح من كل الجنسيات، أصبحت مفتوحة وسهلة الدخول.

يبقى السؤال: هل هناك توقعات بأن تنتقل السياحة بشكل كبير إلى الشرق ودوله؟

منذ أن بدأ موسم السفر، وسافر كثر إما إلى دولهم لزيارة أهلهم، وإما للترفيه عن أنفسهم، وجدنا أن الطبيعة المناخية أصبحت عاملاً قوياً في تغيير وجهات السفر، فلم تعد أوروبا، على اتّساعها، باردة صيفاً كما كانت. ولم يعد هناك وجه للأمان في أكبر دولها وأهمها تاريخياً وثقافياً وسياحياً في السابق. لقد تراجعت الخدمات، وتراجع الاهتمام بالزائر. كما أن الطبيعة والتكوين السكاني قد تغير أيضاً، فصار عدد كبير من الدول منفراً، وكيف لا والكثير من التحذيرات، بدأت منذ موسم الصيف، من السرقات وأمور أخرى.

السفر متعة، والتخطيط له قد يكون مرهقاً قليلاً، لكنه مفيد في تحقيق هدف واضح من الرحلة، فقد خلقنا الله شعوباً وقبائل لنتعارف، وجعل من اختلافنا تجانساً، ومن تعدد ثقافاتنا اكتمالاً، ومن بلوغ أقاصي الأرض اليوم حالة من التعرف إلى اهتمامات الشعوب الأخرى التي كانت شبه معزولة في يوم ما.

السفر رحلة تعلم، حتى وإن كانت في عزلة وابتعاد، هو الفصل الذي يجعل المرء يدرك الكثير من النعم عليه وعلى حياته، وكيف أن الله سهّل له الأمور، ليصبح في سعة وفرح.

في السفر ستجد وجوهاً من مختلف بقاع الأرض، قد تعرف بعضها وقد لا تعرف الكثير منهم، لكن الانفتاح الإعلامي جعلنا معروفين، وهي رسالة بأن تكون واجهة وصورة مشرّفة، وسفيراً حقيقياً لوطنك، أينما حللت وكيفما كانت أحوالك، أن لا تبالغ وتسرف وأن تكون معتدلاً وتأخذ الأمور بعفويتها، أن تجسد في نفسك الإنسان وقيمه واحترامه للجميع. أن تكون مدركاً لحقيقة السفر وهي التعلم، وأن لا تعود دونما فائدة تذكر. أن تصبح أكثر إقبالاً على الحياة ومن يعيش على هذه الأرض. إن تجارب أشياء جديدة، أن تنهل من ثقافة ذلك البلد، أن تتعرف إلى نفسك أولاً، أن تعيش مع نفسك وأهلك وتوازن في هذه الحياة. أن تسافر بخير وتعود وأنت ما زلت بخير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ydxbaptw

عن الكاتب

مؤلفة إماراتية وكاتبة عمود أسبوعي في جريدة الخليج، وهي أول إماراتية وعربية تمتهن هندسة البيئة في الطيران المدني منذ عام 2006، ومؤسس التخصص في الدولة، ورئيس مفاوضي ملف تغير المناخ لقطاع الطيران منذ عام 2011

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"