عادي

أوكرانيا تغير تكتيكاتها بـ« اقتحام انتحاري ».. ماذا يجري في كورسك الروسية؟

21:17 مساء
قراءة 4 دقائق

إعداد: محمد كمال

بعد أشهر من خسارة الأراضي أمام روسيا في معارك وحشية طاحنة في أوكرانيا، غيرت كييف تكتيكاتها بهجوم مفاجئ على الأراضي الروسية، وفتح جبهة جديدة في الحرب المستمرة منذ 30 شهراً، ما دفع المحللين للتساؤل عن سبب قيام أوكرانيا بإلقاء مواردها الشحيحة في هجوم محفوف بالمخاطر في منطقة جديدة في وقت تخوض فيه معارك ضارية للاحتفاظ بمواقعها في أراضيها.

وفي عملية جريئة وخطرة في آن، اخترقت القوات الأوكرانية الدفاعات الحدودية الروسية وسيطرت على عدة مناطق صغيرة، وفقاً لمسؤولين روس وجندي أوكراني ومحللين، فيما أدى الهجوم إلى إعلان حالة الطوارئ، مع رصد عربات مدرعة أوكرانية وهي تتحرك على طول الطرق لمسافة تصل إلى ستة أميال داخل الأراضي الروسية..

ونقلت روسيا دبابات ومدفعية وأنظمة صواريخ إضافية إلى منطقة كورسك في جنوب البلاد اليوم الجمعة مع خوضها معارك لليوم الرابع على التوالي لصد توغل مفاجئ للقوات الأوكرانية. ونقلت وكالة إنترفاكس عن وزارة الدفاع قولها إن روسيا ترسل قوافل تعزيزات مزودة بأنظمة صواريخ من طراز جراد ومدفعية ودبابات. وأوضحت أن أوكرانيا خسرت ما يصل إلى 945 جندياً و102 من مركباتها المدرعة في معركة كورسك، وذلك دون إشارة إلى حجم الخسائر في صفوف القوات الروسية.

  • الهدف من العملية

ويقول مسؤول أوكراني كبير، بحسب صحيفة نيويورك تايمز، إن الهدف هو نقل القتال إلى الأراضي الروسية وتخفيف ضغط هجوم روسيا في شرق أوكرانيا، في الوقت الذي لم تعترف كييف حتى الآن بأن جنودها يقاتلون داخل روسيا، كما أنه وفق محللين من المستبعد أن تبتلع روسيا الطعم وتغير انتشار قواتها، إذ يدور قتال بالفعل مع القوات الأوكرانية التي دخلت الأراضي الروسية دون تحريك للقوات.

وعملت أوكرانيا خلسة لتفادي الاستطلاع الروسي، وجمعت قوة قوامها حوالي ألف جندي لشن هجوم آلي على حدود روسيا، وهي خطوة جريئة بعد نكسات متكررة على مدى العام ونصف العام الماضيين.

وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميللر، الأربعاء، إن استخدام الأسلحة والذخائر التي زودتها الولايات المتحدة لأوكرانيا في الهجوم لا ينتهك السياسة الأمريكية. وأضاف ميلر: «لم يتغير شيء في سياستنا، ومع الإجراءات التي يتخذونها اليوم، فإنهم لا ينتهكون سياستنا».

وقال أندري زاجورودنيوك، وزير الدفاع الأوكراني السابق الذي لا يزال يقدم المشورة للحكومة، إن الهدف لم يكن السيطرة على المنطقة على المدى الطويل، بل تحدي الروس، «لتحويل قواتهم واهتمامهم ومواردهم».

وأوضح كونراد موزيكا، المحلل العسكري لدى شركة روشان للاستشارات في بولندا، أن أوكرانيا يمكن أن تستفيد إذا أدى الهجوم إلى تقليل الهجمات الروسية في منطقة دونيتسك في أوكرانيا وسمح لكييف بالحفاظ على وجودها في منطقة كورسك، وبالتالي تحسين قدراتها العسكرية. لكنه قال إن أوكرانيا ستكون الخاسرة إذا تم صد قواتها مع تعرضها لخسائر فادحة. وقال موزيكا: «ليس هناك حل وسط.. العملية جريئة. دعونا نرى ما تحمله الأيام القليلة المقبلة».

  • احتياطات روسية ضخمة

ويقول محللون عسكريون إنهم يشككون في أن روسيا، التي لديها جيش وترسانة أسلحة أكبر بكثير من أوكرانيا، سوف تضطر إلى تحويل قواتها من القتال داخل أوكرانيا للدفاع عن حدودها. حيث تمتلك روسيا احتياطيات كبيرة من المجندين.

والتزمت أوكرانيا الصمت إلى حد كبير بشأن الهجوم الذي بدأ الثلاثاء. وبدا أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي يلمح إلى هدف رفع تكلفة الحرب على الروس دون الاعتراف بشكل مباشر بالتوغل الأوكراني في خطاب ألقاه يوم الأربعاء. وقال: «كلما زاد الضغط على روسيا أصبح السلام أقرب». ثم أضاف في خطابه المسائي يوم الخميس، مرة أخرى بشكل غير مباشر عن الهجوم الأوكراني، قائلاً: «لقد جلبت روسيا الحرب إلى أرضنا ويجب أن تشعر بما فعلته».

  • سلاح الصمت

وقال إيفان كيريتشيفسكي، المعلق في الشؤون العسكرية بصحيفة ديفينس إكسبريس، إن صمت أوكرانيا الرسمي بشأن العملية ساعد في نجاحها، على النقيض من الفترة التي سبقت الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا العام الماضي. وقال: «إذا لم نفهم ما يحدث، فالأمر أقل وضوحاً بالنسبة للعدو».

ويواجه الجيشان الروسي والأوكراني جبهة مواجهات على مسافة 600 ميل من الحدود الدولية، إضافة إلى خط المواجهة داخل أوكرانيا.

  • ثالث توغل

ويعد التوغل في منطقة كورسك ثالث هجوم بري أوكراني كبير على الأراضي الروسية منذ بدء الحرب قبل أكثر من عامين. ولكن يبدو أنها الأكبر، وفقاً لمحللين يدرسون الصور ومقاطع الفيديو من المنطقة الروسية التي تتعرض للهجوم، وهي مساحة ممتدة من الحقول الزراعية والغابات والبلدات الصغيرة.

ويقدر بعض المحللين أن أوكرانيا أرسلت مئات من قواتها إلى روسيا، وهو التزام كبير حيث تتعرض قواتها لضغوط في الشرق. وقال رئيس الأركان العامة الروسية، فاليري جيراسيموف، في تصريحات متلفزة، إن أوكرانيا نشرت ألف جندي. وقالت وزارة الدفاع الروسية، في بيان لها، الخميس، إنها دمرت تشكيلات أوكرانية وصدت الهجوم.

وقال ميخائيل فينوغرادوف، المحلل السياسي في موسكو، إن الكرملين سعى إلى الحفاظ على الهدوء فيما يتعامل مع المشكلة، وأظهر بث إخباري على القناة الأولى الروسية الخميس إرسال المياه المعبأة إلى الأشخاص الذين تم إجلاؤهم والوقفات الاحتجاجية الداعمة في مدن مثل سوتشي على البحر الأسود.

  • تشكيلات عسكرية

وأشار المحللون إلى أن الهجوم الأوكراني الأخير يشمل وحدات من الجيش النظامي، في تغيير عن التوغلات السابقة، التي نفذتها مجموعات مسلحة بدعم من جيش كييف. وقد أعطى هذا التكتيك لكييف مظهراً زائفاً من عدم التدخل. ودافع المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو عن العملية الأوكرانية.

وتشير الصور ومقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت إلى أن القوات الأوكرانية اجتاحت محطة روسية لخط أنابيب يصدر الغاز الطبيعي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، والذي ظل نشطاً على الرغم من الحرب. وقالت شركة الغاز الروسية غازبروم لوسائل الإعلام الروسية إن التدفقات انخفضت قليلاً. وفي أوروبا، ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2ee726s2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"