سر تميز عام 1969 في الاقتصاد

21:14 مساء
قراءة 3 دقائق

د. عبدالعظيم حنفي

كان عام 1969 هو العام الذي حصل فيه الاقتصاد على أعلى مكانة من التقدير العام. تمتعت أوروبا والولايات المتحدة واليابان بأطول فترة من رواج الأعمال سجلت من قبل. وهو تتويج لربع قرن من النمو المدهش منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويبدو أن دورة الأعمال كان قد تم ترويضها، إذا لم يكن قد تم إلغاؤها بعد مرور 150 عاماً هددت خلالها دورة الأعمال بحدوث انهيار اقتصادي. ووصل الأمريكيون إلى الفضاء.
بعد مداولات كثيرة، خلقت السلطات السويدية جائزة نوبل جديدة في مجال الاقتصاد إضافة إلى جوائز نوبل الأصلية التي كانت تمنح من قبل لأفضل الأعمال في الفيزياء والكيمياء، والطب، والأدب والسلام، وكان الهدف الرئيسي وراء ذلك هو الاحتفال بذكرى تأسيس أول بنك مركزي في العالم في ستوكهولم.
وبشكل عام، كانت الجائزة الجديدة مصممة من أجل الاعتراف بتجاوز الاقتصاد سن الرشد أو لزيادة سرعته في الوصول إلى مرحلة النضج تماماً. كما أدت الجائزة الشهيرة للأدميرالية البريطانية في القرن الثامن عشر إلى تصدر الكرونومتر البحري المقدمة، وبداية العصر الحديث للملاحة، من يمكنه تحديد هذا؟ لم يكن ذلك مهماً في معظم الأحيان. تم تقديم أكثر جوائز العالم احتراماً، لأول وربما لآخر مرة.
بعد كل شيء استمر المنطق، تحولت البنوك المركزية لتصبح اختراعاً ذا دلالة أساسية تم تقليده بشكل موسع وأصبح من المستحيل الاستغناء عنه. وتنامى إدراك الاقتصاديين لكيفية عمل البنوك المركزية (أو كيفية فشلها في العمل)، والتوسع في الائتمان ومنع إفلاس البنوك، أو الانحراف بحوافز الاستثمار، وكانت النتيجة هي تحقيق نمو أسرع بشكل عام ويمكن الاعتماد عليه بدرجة أكبر ومن ثم تعزيز الاستقرار. وبدا أن الاقتصاد يتبع نمط التقدم العلمي نفسه للفيزياء، أو الطب، ربما في القرون الماضية - من الترقيع والملاحظة إلى التلاعب الناجح والأسس التنظيرية المنطقية للعلم الناجح.
ويمكن إغفال ما ظل هناك من اختلاف في بعض وجهات النظر. أما ما رآه الجمهور، فهو أن الكينزيين استقروا في كامبريدج، ماساتشوسيتس، بينما استقر المدافعون عن مذهب مارشال القديم، والذين أصبحوا يعرفون الآن بالنقديين في شيكاغو. أما في كامبريدج إنجلترا، فكان النقاد الخارجيين الذين تركوا في الخلف، الذين أطلق عليهم الاسم المختصر Crits. كانت تلك هي الطريقة التي تم بها تذكر الاقتصاد في عيون العقل. على الأقل بالنسبة لهؤلاء المنتمين لجيل معين من الذين نظروا إلى العالم على أنه مكان منظم يبعث على البهجة.
ولكن بعد مرور بضع سنوات ساد عهد من الهرج والمرج، وكان ذلك داخل الاقتصاد وخارجه. في داخل المهنة بدأ الجدل بين الأسس الكينزية للإدارة النشطة للاقتصاد الكلى وبين النقاد المشككين، والاختلاف في الآراء بين الليبراليين والمحافظين. ولكن سرعان ما تصاعدت تلك الاختلافات في الآراء السياسية وتحولت إلى أمور تقنية، ما هو بالضبط الذي ينبغي تعديله، وكيف؟ أي من التوجهات النظرية هي التي تم دعمها بشكل أفضل عن طريق البيانات التاريخية المعقدة؟ ووراء الكواليس زادت حدة الجدل الغاضب حول دلالة عدم التيقن في الاقتصاد والتوقعات والمعلومات.
بحلول أواسط السبعينات اشتبك المنظّرون فيما يشبه الحرب الأهلية، وفي مركز تلك الحرب دار تساؤل حول أي النماذج أفضل، وأصبح من الصعب على المنظرين أن يتواصلوا عبر الفجوة. ترك المواطنون الاقتصاديون القدامى مسرح الأحداث باستنكار مر. في حين اجتمع المدنيون بحرية على رأي أن «الأزمة في الاقتصاد» ورأي «معلق ذو شأن في صحيفة (Newsweek )، أنه ربما كان الأشخاص الوحيدين الذين يرون أن الاقتصاد يستحق جائزة نوبل هم الاقتصاديون أنفسهم».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3cz5mjy6

عن الكاتب

​كاتب مصري - أستاذ للعلوم السياسية والاقتصادية

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"