صعود الصين وروسيا في مواجهة الهيمنة الأمريكية

حروب باردة جديدة ترسم مسار الصراع العالمي   
00:18 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

عن المؤلف

الصورة
ديفيد إي. سانجر
ديفيد إي. سانجر
كاتب

تشهد الساحة الدولية تصاعداً في التوترات بين القوى العظمى، حيث تتحدى روسيا والصين الهيمنة الأمريكية في مشهد يعيد للأذهان حقبة الحرب الباردة. وتتشابك الأحداث الجيوسياسية والاقتصادية لتعيد تشكيل التوازنات العالمية.

في هذا السياق، يتساءل العالم عن قدرة أمريكا على الحفاظ على دورها القيادي، وسط تغيّرات جذرية في التحالفات، وفي ظل تحديات غير تقليدية تؤثر بشكل مباشر في صراع القوى العظمى، ومستقبل النظام العالمي.

ويأتي كتاب «حروب باردة جديدة: صعود الصين، غزو روسيا، ونضال أمريكا للدفاع عن الغرب»، من تأليف ديفيد إي. سانجر، ليرسم سرداً متسارعاً للأحداث الجيوسياسية التي أعادت القوى العظمى إلى صراع جديد، في ظل المواجهات المتزامنة بين الولايات المتحدة، وروسيا، والصين. ويقدم الكتاب نظرة تحليلية على كيفية تحول العالم بعد عصر الإرهاب، وكيف وجدت الولايات المتحدة نفسها في مواجهة قوتين صاعدتين تتحدّيان نفوذها العالمي.

يستند الكتاب الصادر حديثاً عن دار «كراون» في 528 صفحة إلى مجموعة واسعة من المقابلات مع مسؤولين كبار من خمس إدارات رئاسية أمريكية، وأجهزة استخبارات، وحكومات أجنبية، وشركات تكنولوجية. ومن خلال هذه المصادر، يرسم سانجر صورة معقدة لصراع القوى على التفوق العسكري، الاقتصادي، والسياسي. يتناول الكتاب تفاصيل المعارك في أوكرانيا، حيث تتشابك الحروب التقليدية مع الحروب السيبرانية، وينقل القارئ إلى تايوان، المركز الرئيسي لإنتاج الرقائق الإلكترونية المتقدمة، ما يجعله بمثابة مسودة أولى لتاريخ العودة إلى صراع القوى العظمى.

من بين القضايا التي يطرحها الكتاب، ما إذا كانت أخطاء بوتين في غزو أوكرانيا ستؤدي إلى سقوطه، أو إذا كان سيعتمد على ترسانته النووية، ومدى قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على قيادتها للعالم في ظل أزماتها السياسية الداخلية.

وعلى الرغم من أن الكتاب يقدم نظرة شاملة ومدروسة على هذه التحولات العالمية، إلا أنه يمكن انتقاد بعض الجوانب فيه. أولاً، يتبنى سانجر في بعض الأحيان منظوراً أمريكياً يبرز الهيمنة الأمريكية كضرورة للحفاظ على النظام العالمي، من دون تقديم تحليلات كافية لوجهات نظر القوى الأخرى، مثل الصين وروسيا. كما أن الكتاب يميل إلى التركيز على التهديدات الأمنية التقليدية، مثل الحروب والنزاعات المسلحة، بينما كان يمكن أن يخصص مساحة أكبر للتحديات غير التقليدية، مثل التغيّر المناخي، أو الأزمات الاقتصادية العالمية التي تؤثر في هذه الصراعات.

في الفصل الأول يفتتح الكتاب بذكرى ليلة بيضاء على نهر نيفا في روسيا خلال مايو/ أيار 2002، حيث كانت العلاقات بين روسيا وأمريكا في أوجها بعد صدمة هجمات 11 سبتمبر. في تلك الليلة، كان الرئيس الأمريكي جورج بوش، وفلاديمير بوتين، يتناولان العشاء على متن يخت فاخر، مع ملامح من التعاون والوعود بمستقبل مشترك بين البلدين. هذا التعاون، الذي كان يبدو واعداً في ذلك الوقت، كان يتزامن مع توقيع اتفاقية للحد من الأسلحة النووية، في إشارة إلى أن البلدين يمكنهما العمل معاً، حتى في الأمور الحساسة. ويعكس الفصل التناقضات التي كانت تحكم تلك العلاقة. وعلى السطح، بدا كأن روسيا تتجه نحو الغرب، لكن التوترات كانت تغلي تحت هذا السطح المشرق. بوتين كان يخطط لتحركاته، غير مكترث بالصورة التي رسمها أمام الغرب.

وإحدى النقاط المثيرة للاهتمام التي يسردها سانجر، هي دور الطاهي الخاص ببوتين في تلك الليلة، يفغيني بريغوجين، الذي سيصبح فيما بعد شخصية رئيسية في العديد من النزاعات بين موسكو وواشنطن، بما في ذلك التلاعب بالانتخابات الأمريكية، وتجنيد السجناء للقتال في أوكرانيا.

في المجمل، يقدم كتاب «حروب باردة جديدة» رؤية مفصلة للصراعات الحديثة، لكنه يظل كتاباً يُقرأ بعين ناقدة، بخاصة في ما يتعلق بمسألة التوازن بين القوى الكبرى وتأثير هذه الصراعات في مستقبل العالم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن المترجم

https://tinyurl.com/4tafkhp6

كتب مشابهة

بايدن وزيلنسكي في كييف
هال براندز
ترامب
روبرت كاغان
1
ماكسيميليان هيس

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"

المزيد من الكتب والكتاب

1
ريتشارد أوفري
1
فريد زكريا
تظاهرة عمالية في ألمانيا
ستيفانيا باركا
1
آدم تشابنيك وآسا مكيرشر
1
ريتشارد يونغس