أوهام مدمرة

أوراق قضائية
02:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
العين: منى البدوي

تحفل ساحات المحاكم وحياة الأطراف التي تلتقي فيها بقصص تعكس في جانب منها الصراعات القديمة المتجددة بين الخير والشر، بين الطمع والقناعة، بين نفوس ترتوي بظلم الآخرين وأخرى تنفق شهوراً، وربما العمر كاملاً، بحثاً عن حق. في تفاصيل هذه الصراعات تحاول العدالة ما استطاعت أن تكون صاحبة الكلمة العليا لتستقيم الدنيا، وفي ثنايا المواجهات بين الأطراف المتخاصمة تتدفق المفاجآت والعبر.
«الصاحب ساحب» عبارة تتردد على مسامعنا بمعناها الواضح والصريح؛ لكن أضرار ونتائج تلك العلاقات التي يتم بناؤها مع أشخاص غير أسوياء أو منحرفين، في الأغلب تكون خسائر نفسية واجتماعية وأخلاقية فادحة؛ لأن الأمر يتحول من معرفة المعنى والمغزى إلى تجسيد له ويجبر «المسحوب» في الطريق المظلم على معايشة واقع مرير، ومحنة قد تصل إلى السجن والإبعاد عن الدولة، خاصة إذا قام صديق السوء بجر من يعرفهم نحو طريق تعاطي المخدرات.
مخالطة أصدقاء السوء قد ينجم عنها الكثير من الأخطار التي تقلب حياة الفرد رأساً على عقب وقد تنهيها أحياناً، وهو ما لا يدركه بعض الشباب الذين ينساقون وراء أوهام «الكيف» المدمرة الناجمة عن تعاطي مواد مخدرة ومؤثرات عقلية؛ ليجدوا أنفسهم في نهاية المطاف مجرد مدمنين، أجسادهم تتهالك يوماً بعد الآخر، وعقولهم تصبح مشتتة وصحائفهم القانونية ملوثة بتهمة التعاطي، كما يتجاهل بعض أولياء الأمور الحاضرين مادياً وجسمانياً، والغائبين روحياً أهمية الحضور الفعلي والمؤثر في حياة الأبناء، خاصة في سن المراهقة والشباب، وضرورة تعرف ولي الأمر إلى أصدقاء الأبناء، ومتابعتهم وأيضاً مراقبتهم إذا لزم الأمر.
وردت معلومات إلى إدارة مكافحة المخدرات تفيد بأن شاباً عربي الجنسية يبلغ من العمر 18 سنة يحوز مواد مخدرة ومؤثرات عقلية بقصد التعاطي، وأصدرت النيابة العامة إذناً بإلقاء القبض عليه، وتفتيشه ذاتياً وتفتيش المركبة التي يستقلها، وأيضاً ضبط وتفتيش من يكون معه ساعة الضبط، وإجراء فحوص؛ لمعرفة وجود أثر مواد مخدرة في عينات البول والدم من عدمه.
بعد منتصف الليل وعند نحو الساعة الثانية فجراً، التقى الشاب المطلوب بزمرة من الشباب ليبلغ إجمالي عددهم 7 شباب من جنسيات عربية مختلفة؛ بينهم حدث لا يتجاوز عمره 17 سنة؛ وذلك في موقع معروف في المدينة يرتاده عادة أفراد المجتمع بمختلف فئاتهم؛ حيث تم إلقاء القبض على الشاب ومن معه ليتبين بعدها أن جميعهم تعاطوا مواد مخدرة منها الترامادول والقنب الهندي والحشيش والكريستال وغيرها، وخلال التحقيقات مع المتهمين الذين تراوح أعمارهم بين 17 و25 سنة، اعترف المتهم الأول في القضية بتعاطيه مخدر الحشيش في موطنه قبل العودة، وبأنه من أرباب السوابق؛ حيث تم ضبطه سابقاً في قضية تعاطي مخدرات، أما بالنسبة لبقية المتهمين فقد أشار بعضهم إلى أنه تعاطى المادة المخدرة في موطنه بينما قال آخرون إنهم تعاطوها داخل الدولة وحصلوا عليها من أصدقائهم بلا مقابل مادي، ووجهت النيابة العامة لجميع المتهمين باستثناء القاصر منهم تهمة تعاطي مواد مخدرة ومؤثرات عقلية في غير الأحوال المرخص بها، وتمت إحالتهم إلى القضاء.
جاء في صحيفة المحكمة أن بعض المتهمين تعاطى مواد مخدرة، بينما تعاطى بعضهم الآخر مؤثرات عقلية؛ وذلك ما ورد أنه ثبت في تقرير إدارة الطب الشرعي، وقضت المحكمة بمعاقبة المتهمين بدفع غرامة قدرها 5 آلاف درهم لكل منهم، والإبعاد عن الدولة وإيداع المتهم «الحدث» في إحدى دور التربية والإصلاح المعدة لرعاية وتقويم الأحداث والتابعة للدولة، وعلى لجنة الإشراف في الدار إعداد تقارير دورية شهرية عن الحدث، وتقديمها إلى المحكمة، وقد أيدت محكمة الاستئناف الحكم الصادر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"