الديكتاتورية العادلة

** تصويت الأندية على قرار استئناف الدوري، من عدمه، لا يعني إلا شيئاً واحداً، هو الإلغاء، فهل هذا هو قرار الاتحاد ولكن يحتاج إلى حجة يبرره بها؟ فالحقيقة أن هذا المعيار لو طُبق في أي موسم لأي سبب فلن تستكمل المسابقة أبداً، لأن الأمر ببساطة سيكون مبنياً على رأي قوامه المصلحة الشخصية فقط، فالدوري - أيّ دوري في العالم - طالما وصل لمرحلة قريبة من النهاية، فهذا معناه أن كل الأندية فشلت في تحقيق هدفها، باستثناء المتصدر، فهناك من ينافسون لتفادي الهبوط، ومن فشلوا في تحقيق مركز متقدم يضمن لهم مشاركة قارية، ومن فشلوا في اقتناص الصدارة، وبالتالي لن يبقى سوى المتصدر وحده ليؤيد استئناف المسابقة.

وللتوضيح أكثر، لنفترض أن استفتاء الأندية أصبح بسؤال: هل تؤيد استئناف الدوري أم تفضل الإلغاء ولكن بشرط تتويج المتصدر، وتأهل الأوائل للمسابقات القارية؟ في هذه الحالة ستتغير بوصلة المحصلة، وستصوت الأغلبية لاستئناف الدوري، لأن هنا المصلحة أصبحت صفرية مع قرار الإلغاء، ولن يستفيد منه سوى المتصدر.

** إذاً، استئناف الدوري من عدمه سيخضع لتصويت غير منطقي، والأولى استكمال المسابقة التي انطلقت بالفعل، وتأجيل المسابقات الجديدة، أو تغيير شكلها، لكن لو ارتأت الرابطة والاتحاد غير ذلك، فهما أجدر باتخاذ القرار من دون استفتاء الأندية، لأن موقفها معروف مسبقاً، ويمكن لأي مشجع عادي أن يحصر عدد الأندية التي ستؤيد الاستئناف، وتلك التي ستوافق على الإلغاء، فالأندية التي هبطت «إكلينيكياً»، أو معرضة للهبوط، قرارها هو الإلغاء، وهو نفس قرار من كان يتمنى التتويج وذهب بعيداً عنه، وبالتالي الاستبيان هو إلغاء بقناع ديمقراطي، لكنه ليس عادلاً، لأن ظروف المصوتين مختلفة تماماً.

** وطالما قررت الدولة استئناف النشاط الرياضي، مصحوباً بكل التدابير الاحترازية، فهنا تتحول مسؤولية اتخاذ قرار استئناف المسابقات الكروية إلى اتحاد الكرة، ورابطة المحترفين، ولا يفترض في الأندية أن تكون مشاركة فيه، لأن هذا التصويت لو نُفذ في كل عام لأي سبب، لطلب نفس العدد إلغاء الدوري، ما يعني أن الديمقراطية ليست حلاً، وأن الديكتاتورية العادلة أكثر إنصافاً ومنطقية.

** أخيراً.. لو تم الإلغاء، من يضمن عند بدء دوري جديد، ألا تحدث مستجدات تدفع نحو الإيقاف مجدداً، أو التأجيل لمدة طويلة؟ إذاً، لماذا نجعل تجربة العودة بإجراءات جديدة، في موسم جديد؟ أليس من الأفضل التجريب في موسم هو بالأساس قريب من نهايته، وأقصر زمنياً؟.

Twitter: AhmedEzzatBoush