مشروع نتنياهو للضم يتراجع

02:08 صباحا
قراءة 4 دقائق
حافظ البرغوثي

لن يستطيع نتنياهو إعلان الضم إلاّ إذا أعطته الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر.

تزايدت المؤشرات حول وجود صعوبات داخلية «إسرائيلية» وخارجية من شأنها فرملة مخطط رئيس الوزراء الاحتلالي بنيامين نتنياهو لضم مساحات واسعة من الضفة الغربية ومنطقة الأغوار، إضافة إلى ضغوط أوروبية مكثفة تحذر «إسرائيل» من الإقدام على خطوات الضم. فيما تراجع الاهتمام الأمريكي بالصفقة نظراً لانشغال إدارة ترامب بالأوضاع الداخلية الناجمة عن قتل الشاب من أصل إفريقي جورج فلويد، وجائحة الكورونا، وبالتالي لم تعد «صفقة القرن» على رأس أولوياتها. ورغم التفويض السابق الذي منحته الإدارة الأمريكية لرئيس الحكومة «الإسرائيليّة» للضم، إلا أن مصادر دبلوماسيّة «إسرائيليّة» قالت، إنّ أصدقاء نتنياهو في البيت الأبيض امتنعوا خلال الأسبوعين الأخيرين عن الردّ على اتصالاته المتكرّرة وفقاً لموقع «المونيتور» الأمريكي.

وذكر الموقع، أنّ كبير مستشاري الرئيس الأمريكي وصهره جاريد كوشنر، وزوجته، إيفانكا ترامب، «غير متحمّسين لفكرة الضمّ بالنظر إلى ظروف اللعب الحاليّة». ونقل الموقع عن وزير «إسرائيلي» رفيع وُصف بأنه من «الجناح اليميني» في الحكومة «الإسرائيليّة» أنّ نتنياهو «ربّما يفضّل أن يدفع ترامب القضيّة بأكملها جانباً»، وعندها، بحسب هذا الوزير، «بإمكان نتنياهو دائماً القول إنه حاول ذلك (الضمّ)، لكنّ الظروف جعلته مستحيلاً، حيث يواجه معارضة لخطّته للضمّ ليس فقط من قبل المستوطنين وتيّار الصهيونيّة الدينية، إنما من قبل وزراء في الليكود.

فقد عارض وزير شؤون القدس «الإسرائيلي»، رافي بيرتس، علناً، «صفقة القرن»، قائلاً إن فيها بنوداً لا يمكن الموافقة عليها، وهذه أول معارضة علنية ل«صفقة القرن» من قبل وزير«إسرائيلي».

وسيحاول نتنياهو التملّص من ضغوط أمريكيّة محتملة، عبر القول علناً إنه يؤيّد «صفقة القرن»، لكن دون أن يوافق عليها الكنيست كاملة.

فإذا تضمّن إعلان الحكومة «الإسرائيليّة» عند الضمّ «اعترافًا بدولة فلسطينيّة» (وفق صفقة القرن)، فإن الليكود لن يصوّت لصالح تمرير القرار في الحكومة والكنيست، وسيصوّت فقط لصالح الضمّ.

أما الرجل الثاني في الحكومة الجنرال جانتس فهو ليس سلبياً تجاه الضمّ، لكنّه يشترط موافقة حزبية داخلية ودولية والتنسيق مع الولايات المتّحدة. كما أن الجيش «الإسرائيلي» الذي طلب منه الاستعداد عسكرياً لأي تصعيد محتمل في الضفة ووضع خطط للمواجهة لا يعلم شيئاً عن تفاصيل خطة الضم حتى الآن. فقد خاض نتنياهو الانتخابات الثلاثة الأخيرة بناء على برنامجه المستند إلى «صفقة القرن»، وشكلت معارضة بعض قادة المستوطنين وتيار في الليكود للصفقة انتكاسة لجهوده، ما جعله يقلل من تصريحاته حول الضم، وقد يكتفي في الشهر المقبل كما هو محدد في برنامج حكومته بضم المستوطنات فقط دون بقية المناطق التي أعلنها كالأغوار ومنطقة شمال البحر الميت وأجزاء أخرى من الضفة.

وكان رئيس مجلس المستوطنات المدعو الحيائي، هاجم الإدارة الأمريكية متمثلة بترامب وكبير مستشاريه كوشنر واصفاً إياهما ب«استغلال صفقة القرن» فقط لخدمة مصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة أواخر العام الجاري، وأضاف أن «ترامب وكوشنر أثبتا عبر الخطة، أنهما ليسا صديقين «لإسرائيل» ولا يفكران في مصالحها الأمنية والاستيطانية».

ويقول المستوطنون إن إدارة ترامب تشترط وجود إجماع «إسرائيلي» على خطوات الضم، وكذلك أن يأتي الضم في سياق حوار أو مفاوضات مع الفلسطينيين. ويخشى نتنياهو من أن حملة المستوطنين ضد الأمريكيين ستعرقل مشروعه، لذا سارع إلى إصدار بيان امتدح فيه الرئيس ترامب قال فيه، إنه «يدين بشدة أقوال رئيس مجلس المستوطنات، فالرئيس ترامب صديق عظيم لدولة «إسرائيل»، لقد قاد خطوات تاريخية لصالح «إسرائيل»، من بينها الاعتراف بسيادة «إسرائيل» على مرتفعات الجولان، والاعتراف بالقدس عاصمة ل«إسرائيل»، ونقل سفارة بلاده إليها، والاعتراف بشرعية الاستيطان الإسرائيلي».

وأضاف نتنياهو أن «خطة الرئيس ترامب للسلام تشمل الاعتراف ب«إسرائيل» كدولة يهودية، والاعتراف بالسيطرة الأمنية «الإسرائيلية» على جميع المناطق الواقعة غرب الأردن، بالإضافة إلى الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة ل«إسرائيل»، ونزع سلاح حركة حماس، ومنع اللاجئين (الفلسطينيين) من العودة والمزيد من الأمور»، وختم قائلاً: «من المؤسف أنه بدلاً من الامتنان، هناك من ينكر هذه الصداقة التي لم تنشأ صداقة بمتانتها أبداً».

وما أثار مخاوف المستوطنين أن نتنياهو قد صرّح خلال اجتماع عقده مع قادة مجلس المستوطنات، أن المضي قدماً في مخطط الضم مرتبط بالموقف الأمريكي، وأنه ينتظر من الجانب الأمريكي، موعد المضي قدماً بمخطط الضم، ومساحة المناطق التي يمكن ضمها وتحديد الخرائط.

ووفقاً لصحيفة «هآرتس»، فإن مسؤولين رفيعي المستوى في البيت الأبيض، أبلغوا قادة المستوطنات أن حملتهم العلنية ضد الخطة الأمريكية ينظر إليها في البيت الأبيض على أنها «نكران للجميل»، وهددوا بأن استمرار الحملة قد يدفع الإدارة الأمريكية إلى التنازل عن «صفقة القرن». لكن رغم ذلك فلن يستطيع نتنياهو إعلان الضم إلا إذا أعطته الإدارة الأمريكية الضوء الأخضر، وإلا، فالاكتفاء بالضم الجزئي للمستوطنات يبقى خيار نتنياهو.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"