العيد و«كورونا»

05:18 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

لم يمر عيد على الجيل الحالي أو الذي سبقه بعقود، مثل هذا العيد؛ فقد كان استثنائياً بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ومن قبله كان رمضان المبارك استثنائياً أيضاً، فلم تقم الصلوات في المساجد ولا التراويح، ولا قيام الليل في العشر الأواخر، وكل ما نستطيع قوله: قدر الله وما شاء فعل.

صحيح أننا لم نعشْ بهجة رمضان، ولم نشعر بفرحة العيد، إلا أن الدين واحد والعبادة واحدة، ولكن هذا كله يجب أن يكون مدعاة للبحث والتقصي في سبب ما وصلنا إليه، ولماذا البشرية جمعاء باتت تعيش في رعب «فيروس» لم يره أحد بعينه المجردة؟.

كثرت التعليقات على عام 2020، وأنه من أسوأ الأعوام التي عاشها الجيل الحالي، وهو عام لا يقارن بأي عام آخر سبقه في السوء، فالأزمات التي عاشتها البشرية سواء بالكوارث الطبيعية أو الحوادث، كانت في نطاق جغرافي معين، لكن هذا الوباء لا يعرف حدوداً ولا دولاً ولا فقيراً أو غنياً، ولا مسؤولاً أو شخصاً عادياً، بل هدد الجميع بالدرجة نفسها، وكشف لنا كيف أن الأمراض الخفيفة التي يمكن للبشر أن يتعايشوا معها، قد تكون مهلكة لو أصيب أحدهم بالفيروس.

أنماط كثيرة يجب إعادة النظر فيها، فإذا تحدثنا عن نمط العمل عن بُعد، وكيف يمكن إدراجه ضمن سلم الموارد البشرية، فإن الكثير من العادات التي ترتبط بالتجمعات البشرية، يجب أن تؤخذ في الحسبان في المستقبل.

ومن الجرأة أيضاً الحديث حتى عن بعض أنماط الطعام عند البشر، فعلى بعض الدول التي يمارس أهلها عادات غريبة في الأكل والشرب، إعادة النظر بها، وتجريم بعضها أو منعها، ما دامت قد تؤذي متعاطيها أو قد ينشأ عنها «فيروس»، كما حصل أخيراً، وحصل قبل سنوات وسنوات، ولكن لم يكن بهذا الشكل المخيف.

«كورونا» ضرب العالم في مقتل؛ فالأزمة المالية العالمية التي لم تبرح مكانها بعد، وظلت تضرب في أعصاب العالم منذ عام 2008، جاء هذا الوباء، ليزيد الطين بلة، فلم ينجُ من تداعيات الفيروس أي قطاع، ولم يترك صغيراً أو كبيراً.

هل تخيل أحدنا أن يمرّ عيد وهو على مقربة من والديه، فلا يتمكن من تقبيل رأسيهما وأيديهما؟ هل تخيلنا أن نحرم من فرحة تبادل الزيارة والتهاني مع الأقارب؟ هل توقع أحدنا أن وسائل التواصل التي طالما انتقدناها، بأنها غيرت عاداتنا وتقاليدنا، أضحت اليوم المنقذ لنا لنتواصل مع من نحب؟.

«كورونا» دخل وتدخل في كل شيء في حياتنا، وعلينا أن نتنبّه جيداً إلى تداعياته؛ لأن خطورته ستبقى قائمة إلى أمد بعيد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"