ماذا عن «كورونا»؟

05:03 صباحا
قراءة دقيقتين

جمال الدويري

ماذا لو لم ينته «كورونا»؟
فرضية ألقت بها منظمة الصحة العالمية قبل أيام، لتهيّئ الناس للأسوأ، ولم يصدر عن المنظمة منذ بدء الجائحة، ما يسر الخاطر أو يطمئن الناس، بل ذهبت بهم إلى أسوأ الاحتمالات والسيناريوهات المفترضة، ولم توضح ما قصدته من ذلك، أم أن الوضع فعلاً يحتاج إلى كل هذا السواد؟
مرّ على «كورونا» حتى الآن نحو ثمانية أشهر، ولم تصدر بارقة أمل واحدة، وما زالت الإصابات في تصاعد وكذلك الوفيات، والأسوأ من الاثنتين، أن منظمة الصحة العالمية هي المظلة الجامعة لمثل هذه الحالات.
المحزن منذ اكتشاف الوباء، أن كل التطور العلمي والتقني الذي عاشه ويعيشه العالم في السنوات العشرين الأخيرة، لم يشفع للبشرية إيجاد حل لوباء صامت، وكأننا نعود في أمراضنا إلى زمن الطاعون والكوليرا والإنفلونزا الإسبانية.
إزاء كل هذا، متى ستعود الحياة إلى طبيعتها؟ وهل سنعود لنتصافح ونقترب أكثر؟ هل سنرمي «القناع» إلى غير رجعة؟ وهل سنعود للتعامل كعادتنا في الخروج والذهاب إلى المطاعم، ولا نكون مدجّجين بالمنظفات والمعقمات؟
«كورونا» بلا شك أخذ أكثر من اللازم، وطال عمره أكثر مما يجب، وكشف الكثير من الكذب الذي يدبّ في أروقة قضايا الصحة والطب في العالم، وكيف أن الجزء الأكبر في هذا الشق تجاري، أكثر منه طبياً أو إنسانياً.
«كورونا»، وإن كان قد أودى بحياة مئات الآلاف، فإنه بلا شك ألحق الضرر بمئات الملايين، وستبقى تداعياته الاقتصادية في الحياة لسنوات طويلة، خاصة مع ظهور هشاشة الاقتصاد العالمي واقتصادات أكبر الدول أمام فيروس لم يُرَ، فتسابقت هذه الدول إلى إنقاذ نفسها بإغراق البشر في بحر البطالة وتجميد قطاعات الحياة.
فلو افترضنا صحة كلام المنظمة الأخير، عن احتمال أن الوباء لن ينتهي - وهو كلام بعيد من المنطق - فإن الأجدى بالعالم كله أن يبدأ في مرحلة التعايش الفعلي مع هذا الوباء، والتعايش هنا لا يلزمه أكثر من النظافة الشخصية ومنع الاحتكاك الذي لا مبرر له، والتباعد، لأن الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل إغلاق منشأة واحدة وتسريح موظفيها.
ملايين البشر الذين طارت وظائفهم، بسبب الإغلاق، وتباطؤ معظم مؤشرات الحياة، هم المصابون الحقيقيون بفيروس «كورونا» الذين يجب على الدول أن تبحث لهم عن وظائف ودخل ثابت، يقيهم شر الحاجة والعوز، وما يتبعهما.
علماء يستشرفون المستقبل، قالوا قبل مدة إن الدول ستواجه بطالة من نوع جديد، بأنها ستضطر إلى دفع رواتب لأناس لا يعملون، لأنه لا وظائف لهم.... وهذا الأمر قد بدأ على ما يبدو.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"