لمصلحة الوطن

03:18 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

مع إجراءات الحكومة الأخيرة التي عملت على تخفيض ساعات التعقيم الوطني، والسماح لقطاعات الاقتصاد والتجارة للعودة للعمل بشكل تدريجي متسارع تصل إلى 100% مع منتصف الشهر الحالي تقريباً، وكذلك عودة كافة القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة لممارسة أعمالها عبر مكاتبها جزئياً من خلال نسب تصاعدية حتى تصل إلى كامل عدد الموظفين في فترة وجيزة، والتعويل في ذلك على وعي أفراد المجتمع والقطاعات الاقتصادية والتجارية ومؤسسات الأعمال في الالتزام بالاحترازات المطلوبة للوقاية من فيروس كورونا المستجد، فبدأت كافة القطاعات بالتنفس الطبيعي تدريجياً وازدادت حيوية الأعمال التجارية، وعاد الأفراد لممارسة أنشطتهم الرياضية والاجتماعية.
إلا أن الجائحة قد كشفت لنا الكثير من المعطيات الإيجابية والسلبية التي يجب النظر إليها بعين الاعتبار والتمحيص والتدقيق، واتخاذ اللازم من قرارات إما لتطويرها كإيجابيات أو لتجنب الوقوع فيها كسلبيات، وقد كشفت الأزمة قدرة الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية الفائقة على التكيف السريع مع المعطيات والعمل عن بُعد وعلى كافة المستويات وبشكل مميز، والقدرة على التعامل مع تكنولوجيا العصر بكل اقتدار سواءً في التعليم أو تخليص المعاملات والإجراءات المختلفة أو الصحة والأمن، وأثبتت كفاءة القطاع الطبي وقدرته على التعامل بكل شفافية ومهنية مع معطيات الأزمة.
الأزمة كشفت من جانب آخر ضعف بعض الشركات العقارية والبنوك التي تسمي نفسها عملاقة وتعلن الأرباح المليارية سنوياً لكنها تعاملت مع الأزمة بلا مهنية وبكل أنانية واستخفاف بمقدرات الوطن ومتطلباته؛ فسارعت مع بداية الجائحة إلى فصل عدد كبير من موظفيها المقيمين والمواطنين متعللة بالخسارة التي قد تتعرض لها متناسية ملياراتها التي تعلن عنها سنوياً كأرباح، لكنها لم تجد سوى من حقق لها الأرباح من الموظفين لتفصلهم، وفوق ذلك ترسل بعض تلك الشركات العقارية خطابات تهديد لمشتري عقاراتها بسحب العقار إن لم يسددوا في التوّ والحال، مما أوجد عدداً كبيراً من الأفراد دون عمل وأثّر بشكل كبير في العديد من القطاعات الأخرى مثل السكن والقدرة الشرائية.
وكشفت الأزمة، أيضاً، استغلال بعض البنوك للدعم الذي قدمته الدولة من خلال المصرف المركزي لمصلحتها فقط دون تقديم تسهيلات حقيقية للأفراد والشركات، وأيضاً كشفت الجائحة ترهل وضعف القوانين والقرارات الحكومية الملزمة التي لا يحترمها العديد من الشركات والمؤسسات، وكمثال لم تلتزم جلها بالقرار الحكومي الخاص بعدم فصل أي مواطن في الوقت الحالي أو الاتفاق مع الموظفين قبل تعديل عقودهم سواءً من المواطنين أو المقيمين، وكشفت أيضاً وللأسف عدم حرص بعض رجال الأعمال على أداء واجبهم الوطني تجاه الوطن في مثل هذه الأزمة مكتفين فقط بالتبرع بأموال الشركات المساهمة التي يديرونها، أو تخفيف بعض الالتزامات المالية على بعض المؤجرين.
الأزمة كشفت الكثير، إيجاباً وسلباً، مما يدعو إلى دراسة واقعية لا تسمح لنا بالعودة لما كنا فيه قبل الأزمة وخلالها، تحفز الإيجابيات وتشجعها وتدعمها وتطورها، وتصحح الأخطاء والسلبيات وتحاسب من يستحق المحاسبة ممن تقاعس عن خدمة وطنه، بل زاد من أعبائه، وتجعل للقانون والقرارات قوة التنفيذ دون النظر لحجم هذا أو ذاك من الشركات أو الجهات أو رجال الأعمال.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"