مرونة وإنسانية

05:29 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

أي مرونة تلك التي تتمتع بها الحكومة، وأي انسيابة أصبحت تشمل كل قراراتها؟
اليوم يبدأ العام الدراسي، وبقرار إنساني واحد، قررت الحكومة الشعور مع الأمهات والآباء الموظفين، فمنحتهم إما إجازات أو رخصاً بالعمل عن بُعد، فكان القرار لكل الدولة، ويُتابع في كل إمارة أيضاً، حتى أصبح الجميع شبه راضين، عما آلت اليه الأمور.
هذه الانسيابية تشي، بما لا يدع مجالاً للشك أن الحكومة الاتحادية، والحكومات المحلية في كل إمارة، تقف إلى جانب المواطن والمقيم، إلى جانب الأم والأب، ومن قبلهم الطفل الذي يتلقى تعليمه في ظل جائحة قاسية بتأثيرها وتداعياتها وانتشارها، في كل بقاع الأرض.
قرار يوم الجمعة الذي أبهج الكثير من الأمهات، يجعلهن في مأمن بأن الأمر إذا استدعى أكثر من ذلك، فلن تتوانى الحكومة عن اتخاذه، فالأمر إنساني وصحي ولا يعلو عليه شي ولا تتقدمه أولوية.
مسألة التعليم في هذا العام لها خصوصية، تحتاج إلى تكاتف الجميع، وتفهم ظروف الأهالي، ووزارة التربية والتعليم لا تحسد على الوضع التي هي فيه الآن، وقد عاد بها الزمن إلى الوراء سنوات عدة، فأصبحت مطالبة بالاستماع إلى ملاحظات وشكاوى الأهالي بشكل مكثف، لأن الوضع جديد، ويحتاج إلى سياسات وتشريعات وخطط جديدة توائمه.
الثقيل نسبياً في مسألة التعليم عن بُعد، سيقع على كاهل الأمهات المسكينات، اللواتي كلنا نعرف حجم فرحتهن، عندما ينتظم الأبناء في الدراسة فتمضي الحياة في مسارها الطبيعي المنظم، من حيث الصحو المبكر، ومغادرة المنزل، والنوم مبكراً، وما يتبعها من نظام صارم يضع الحياة في مسارها الصحيح.
أضف إلى ذلك، أن المشكلة الكبرى التي ستعانيها الأمهات، هي تفريغ شحنات الأطفال وطاقاتهم التي كانت تذهب في الرياضة، والسباحة، وممارسة كل أنواع الأنشطة، بحيث يعود الطفل إلى بيته مرهقاً، فيؤدي واجباته ثم يخلد إلى نومه. ولكن المسألة مختلفة الآن، فمع الجلوس الدائم وعدم الحركة، فإن الأطفال سيكون لهم طاقة ستدفع ثمنها الأمهات، بعد انتهاء اليوم الدراسي عن بُعد.
لا أظن أن من الإنصاف أن نطلب من الوزارة أن تتحمل وزر طاقة الأطفال، لكن ما عليها حقاً، هو الإنصات أكثر إلى الأمهات فهن المعلم الأول، بعد أن عدن إلى مربع العناية الكاملة، ولا ضير من قيام الوزارة، وعبر أي جهة من أذرعها التنفيذية، بعمليات تدريب أو تأهيل للأمهات حتى يعرفن أكثر كيف يمكن أن يتابعن تعليم أبنائهنّ عن بُعد، وكيف يمكن أن يُضبط دوامه «البعيد».
المسألة برمتها تحتاج إلى تعاون وتفهم، والأمر في الإمارات في غاية السهولة، فلا توجد حكومة تسمع وتلبي احتياجات مواطنيها وإنسانيتهنّ، كما تفعل حكومة الإمارات، والدليل على ذلك أكثر بكثير من أن تضمه صفحة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"