ترامب يُجنِّد الجائحة انتخابياً

04:59 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

تتكشف يومياً خفايا وإخفاقات علمية وسياسية في ظل جائحة كورونا، وتندلع بداية حرب باردة بين العملاقين الصناعيين الولايات المتحدة والصين، وتتعرى في الوقت نفسه، أكاذيب ساقها سياسيون في خضم الجائحة، ويُناقض الخبراء والعلماء بعضهم بعضاً بين من يقول إن الوباء سينحسر قريباً، ومن يقول في منظمة الصحة العالمية إن هناك خطر تفشي موجتين من الفيروس لاحقاً. الأكاذيب تتلخص في إعلانات متكررة من مراكز ومختبرات، عن علاجات ولقاحات لفيروس كورونا، ويثبت في النهاية ألا أدوية مضمونة ولا لقاحاً في الأفق قبل نهاية العام على الأقل، وهناك أكثر من مئة مختبر عبر العالم تُجري تجارب على لقاح للفيروس ليس بينها إلا لقاح أمريكي واحد تحت التجربة، ولقاح أمريكي آخر بالتعاون مع أوروبا، أما ما يقوله ترامب مراراً عن قرب التوصل إلى لقاح فهدفه انتخابي إعلامي.
وكان بنيامين نتنياهو أول من تحدث عن قرب التوصل إلى لقاح لكورونا في حملته الانتخابية لتسويق نفسه انتخابياً، وترويج اسم «إسرائيل» في منصات الأخبار، وكأنه ينصبها عاصمة للعلوم والبحوث، وتبين أن كلامه هراء، حيث لجأت «إسرائيل» إلى أدوية يابانية وهندية ضد الملاريا. فأغلب اللقاحات تحت البحث في المختبرات هي أوروبية وليست «إسرائيلية» أو أمريكية أو صينية، ولهذا كان المشهد الفيروسي كوميدياً، عندما أعلن ترامب استعداد بلاده لدعم «إسرائيل» في مجال مكافحة الفيروس، وتبين أن الولايات المتحدة نفسها غير قادرة صحياً على مواجهة الفيروس، وأن ترامب اتصل بنتنياهو طالباً المساعدة، فالنظام الصحي الأمريكي عاجز والاختبارات التي تُجرى بطيئة وتتيح للمصاب أن ينشر العدوى قبل ظهور نتيجة الاختبار التي تتطلب ثلاثة أيام. وكان الرئيس الأمريكي اتهم دولاً عديدة أبرزها الصين، بأنها لا تنشر الأرقام الصحيحة عن عدد الإصابات والوفيات في الجائحة، علماً بأن الأرقام عنده أيضاً زائفة، وفقاً لما قاله بيل جيتس وما نشرته «نيويورك تايمز»، من أن عدد الوفيات في الولايات المتحدة أكبر مما في السجلات.
وقد انتقل ترامب من وصف الفيروس بأنه من إنتاج صيني إلى شيطنة الصين، فالجائحة وفرت له وقوداً ليواصل حملته ضد بكين التي بدأت قبل الجائحة على شكل حرب تجارية.
فالهدف الأساس لترامب الآن، هو الفوز في الانتخابات، حيث وجه انتقاداً للصين بأنها تعمل على إسقاطه لصالح منافسه جو بايدن، وعندما أعلنت الاستخبارات الأمريكية عن اعتقادها بأن الفيروس ليس مصنعاً مخبرياً في الصين، تدخل ترامب ليقول إنه رأى دليلاً على أن الفيروس مصنع في الصين.
فهو يقول إن لديه درجة عالية من الثقة في أن الفيروس القاتل نشأ من مختبر في ووهان، على الرغم من أنه لا يستطيع الكشف عن مصدر معلوماته، وقد رفع ترامب من منسوب أحاديثه اليومية الانتخابية الفيروسية، مثلما حدث إبان إدارة بوش الابن في اختلاق الروايات لشن حرب على العراق، لكن في حالة ترامب، فإن المخابرات الأمريكية لم تشاركه المؤامرة، كما نأت أوروبا عن الاتهام، وكذلك فإن «إسرائيل» لا تشاركه الرأي كما حدث ضد العراق.
وقد ربح نتنياهو مرتين من الفيروس، وكأنه جاء كهبة له؛ إذ استغله ليبقى رئيساً للحكومة مع خصومه، وكذلك تضاءل الحديث عن محاكمته بتهمة الفساد، وتجاهل الإعلام فضيحة جديدة له كانت ستكون مدوية في الظروف العادية، لكن الفيروس غطى عليها ألا وهي تدخله في الانتخابات الأمريكية السابقة لصالح ترامب، فقد كشفت وثائق مرتبطة بروجر ستون، نشرت مؤخراً، أن ستون وهو مستشار سابق لترامب أدين في قضية التدخل الروسي، له صلة مع نتنياهو الذي أبلغ مساعديه بأن ترامب سيخسر إذا لم نتدخل ونقدم له معلومات استخباراتية حاسمة، وأوفد أحد وزرائه للقاء ترامب ومساعدته عن طريق ستون.
حالياً يعتقد الرئيس الأمريكي أنه بعد انضمام عشرات الملايين من الأمريكيين إلى البطالة، وبعد الخسائر التي مني بها الاقتصاد الأمريكي، فإن شعبيته ستتأثر في الانتخابات، ولذلك صعّد ضد الصين؛ لأنه يرى أن ذلك يحقق له الفوز.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"