ليكن مسارنا.. «V»

03:57 صباحا
قراءة دقيقتين
رائد برقاوي

في عام 2009، بعد أشهر من اندلاع أزمة المال العالمية، بدأ الحديث آنذاك عن عمق الأزمة، ومتى ستنتهي، وهل الركود الاقتصادي الذي كان نتاجها سيعقبه انتعاش سريع، أم أن الأزمة ستشهد ركوداً طويلاً قبل أن تنجلي، أم أن الاقتصاد سيتأرجح صعوداً وهبوطاً؟
نتحدث هنا، ونحن في عمق أو بداية ركود عالمي، بسبب جائحة كورونا الصحية، التي لم توفر أي اقتصاد في العالم، وأصابت الجميع بمأزق، بسبب ما سببته، أو ما يمكن أن تسببه، إذا كانت هناك موجة ثانية أو ثالثة لهذه الجائحة، قبل التوصل إلى لقاح يقضي على «كوفيد - 19».
نتحدث هنا عن أي شكل يمكن أن يتخذه الاقتصاد العالمي للمرحلة المقبلة، هل هو على شكل حرف «V»، ركود، يعقبه انتعاش سريع، أم «U» أي ‏أن الركود سيستمر لفترة طويلة، أم «W» وهو مرحلة متأرجحة تبدأ بركود ثم انتعاش ثم ركود فانتعاش؟
لا أحد يعرف بالتحديد أي هذه الأشكال سيتخذه الاقتصاد العالمي مستقبلاً، فإذا كانت أزمة المال العالمية أخذت شكل الحرف «V» لبعض اقتصادات العالم، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وآسيا، بما فيها بعض دول منطقتنا، فإن القارة الأوروبية سلكت مسار الحرف «U» إلى يومنا هذا.
أما جائحة كورونا، فيبدو أنها ستجعل اقتصادات العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، تسلك مسار الحرف «U»، لأن الضرر الذي سببته يفوق بأضعاف ما فعلته أزمة المال بالاقتصاد العالمي.
صندوق النقد، وهو إحدى أهم المؤسسات التي تُعنى بالاقتصاد العالمي، تحدث بوضوح عن مدى التأثير الاقتصادي السلبي لكورونا، إذ توقع أن ينكمش الاقتصاد العالمي بحدود 5 في المئة في عام 2020، بينما قدر انكماش الاقتصاد الأمريكي 8 في المئة، والأوروبي ومعه البريطاني بنسبة تفوق ال 10 ٪.
طبيعي أن تأتي النتائج كما أوردها الصندوق، لأن الجائحة قاسية، ولم نشهد مثلها في عصرنا الحديث، فقد شلت الاقتصاد، وأوقفت الطائرات، وأغلقت المطارات والأسواق والمرافق العامة، وأبعدت البشر عن بعضهم بعضاً.. فالشوارع خالية، والمكاتب مغلقة، ولم يعد همُّ الإنسان إلا حماية نفسه وأسرته ومجتمعه.
لكن كل ما تقدم يجب ألا يجعلنا نفقد الأمل، فهو وقود الإنسان، وبالإصرار والعزيمة يمكننا أن نواجه هذه الجائحة، فلا تعني أرقام الصندوق المتشائمة أن نقف مكتوفي الأيدي أمام الواقع، فبإمكاننا مواجهة الفيروس والتغلب عليه، لأن غير ذلك يكبد مزيداً من الخسائر البشرية والاقتصادية.
الجميع هنا في الإمارات معنيّون ومطالبون بأن يجعلوا مسار الاقتصاد على شكل «V»، فهو الأسلم والأقل خسائر والأسرع للعودة إلى الانتعاش، وهو أمر يمكن أن يتحقق إذا تضافرت الجهود .. الحكومة والقطاع الخاص يداً بيد.
جهودنا يجب أن تكون مدروسة، وألا تشمل قطاعاً على حساب آخر، فالكل تضرر، والجميع يحتاجون إلى مساندة، لئلا يكون مسارنا الثالث، وهو الشكل «W» الذي سيأخذنا إلى انتعاش، ثم انتكاسة ثانية، قبل أن نصل مجدداً إلى الانتعاش.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"