شهران من دون دبي

05:04 صباحا
قراءة دقيقتين
جمال الدويري

هل لك أن تتخيل أنك تسكن في دولة الإمارات، ويمر عليك شهران، ولا تطأ قدماك أرض دبي، «دانة الدنيا»؟ لا تتجول في شوارعها؛ لا تزور مراكز التسوق، ولا الحدائق، ولا المنتجعات أو المحال.
شهران لا تعبر شارع الشيخ زايد، حتى لو من دون وجهة، هذا الشارع الذي يشعرك بالطمأنينة والأمل والسعادة، أضواء تتلألأ، أناس يتزاحمون، يتسابقون، يبحثون عن مواقف لمركباتهم في كل الأمكنة، في الحدائق يهرولون بأدوات التنزّه، ليحجزوا لأنفسهم متسعاً قبل أن تكتظ الحديقة، وفي «المولات» يلحقون بأطفالهم إلى أماكن اللعب والمطاعم، وفي المرافق الحيوية والسياحية يقبلون ببهجة وشوق لما ينتظرهم.
شهران كاملان، لم نمرّ بها، أنصتنا إلى أخبارها، وأخبار الدولة بأكملها وتعليمات الحظر و«التعقيم» فقط؛ التزمنا بيوتنا في شارقة الجمال المفعمة بالحب والسكينة.
عوّدتنا الإمارات، أن تكون عطلة نهاية الأسبوع، مفعمة بالتمتّع بالجمال في ربوعها، من أقصاها إلى أدناها، فالإمارات كانت ولا تزال وجهة الراغبين في الحياة، لكن دبي كانت الوجهة الأقرب، فهي التي تعجّ بالبهجة والفرح ليل نهار.
دبي تعشق الحياة، وتحتضن محبّيها، ولا تعرف العيش بلا زحام، فتحت أذرعها لجميع الراغبين في عيش كريم آمن، فلا تمرّ في شارع إلّا وترتسم ملامح الإبهار في ناظريك، ولا يمكن أن تبرح ذاكرتك كلما وطأتها قدمك.
دانة الدنيا قدمت للعرب الكثير والكثير، ففيها فسحة الأمل ومتعة الحياة، وباتت مقصد كل باحث عن عيش رغيد، أو سكن جميل وآمن، فتحولت تجمعاتها السكنية إلى مقصد لكل باحث عن حياة جميلة هانئة، يستقر هو وأسرته بعيداً عن ضجيج المدافع، وفصول «الربيع والخريف» التي تجتاح دولنا منذ 50 عاماً، وأضف إلى ذلك أنها كانت ولا تزال مقصد السياح والمصطافين، والباحثين عن كل متعة في البر والبحر والجو.
العمل والتعايش مع كورونا بحذر وإجراءات وقائية، أفضل بكثير من الرعب منه، وتعطيل الحياة وإغلاق المحال والمطارات وكل مرافق الحياة.
ننتظر الساعة التي سنتحدث فيها عن هذا الوباء، كما لو أنه حادثة كريهة مرّت، وتركت أثراً سيّئاً لا بدّ أن تمحوه الأيام، ويغدو تفصيلاً لا أكثر، وهذا اليوم قادم بإذن الله، فلا وباء دام واستمرّ، ولا محنة عاشت أبد الدهر، والحياة كما عهدناها، وقرأنا عن تواريخ حفلت بالطيّب والخبيث، لكن الطيّب أبقى بالتأكيد.
تجربة «كورونا» الأسوأ في حياة الجيل الحالي بأكمله، ولا يذكر أحد من كبار السن أنه مر على الدنيا وباء كهذا، ولكنها تجربة علمتنا الكثير، وستبقى «الأماكن» في دبي والشارقة وأبوظبي، كما هي، تنتظرنا، وسنذهب إليها، إن شاء الله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مساعد مدير التحرير، رئيس قسم المحليات في صحيفة الخليج

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"