«ننهل».. مبادرة دعم للأطفال ذوي الإعاقة في زمن «كورونا»

أطلقتها «الخدمات الإنسانية» افتراضياً
05:19 صباحا
قراءة 4 دقائق
تحقيق: مها عادل

واجهت الكثير من العائلات، خلال فترة «التباعد الاجتماعي»، ومكوث الأبناء بالمنزل لفترات طويلة، صعوبات كثيرة في السيطرة على طاقاتهم وإقناعهم بضرورة الالتزام بالبيت، وتدريبهم على الإجراءات الوقائية اللازمة لحمايتهم من العدوى، إلى جانب ملء وقت فراغهم، ومساعدتهم على استكمال دراستهم عن بعد. وكانت مهمة الأسر التي لديها أبناء من ذوي الإعاقة أكثر صعوبة، وتحتاج إلى اكتساب الكثير من المهارات. وانطلاقاً من حرصه على توصيل الخدمات اللازمة لمساعدة الأطفال من ذوي الإعاقة في كل الظروف، قام مركز التدخل المبكر التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بتفعيل مبادرة «ننهل» افتراضياً، لدعم الأسر التي لديها أبناء من ذوي الإعاقة، وتسهيل مهمتهم في التعامل مع أطفالهم، ورعايتهم بالشكل الأمثل، وتلبية احتياجاتهم ولو عن بعد.
عن أهمية المبادرة وأهدافها ونتائجها، يقول محمد فوزي، مدير مركز التدخل المبكر بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية: «التدخل المبكر في مفهومه الحديث يرتكز على تقديم الدعم والمساندة، وتعزيز الثقة والكفاءة للأسرة ومقدمي الرعاية؛ لتقديم الفائدة المرجوة لتطوير قدرات الأطفال، ومساعدتهم على الانخراط بالمجتمع بشكل فاعل.
يضيف: حرص المركز منذ تأسيسه عام 1993 كأول مركز من نوعه في المنطقة، على تفعيل أفضل وأحدث الممارسات العالمية في مجال التدخل المبكر، من خلال تبني سياسة فريق عمل عابر للتخصصات، ودعم مبادئ التعليم الفطرية، وتعزيز مفهوم تقديم الخدمات في البيئة الطبيعية للأطفال ضمن الروتين اليومي، وفق مجموعة من الأولويات والاحتياجات للأسر.
ولتجسيد هذا التوجه قدم المركز مبادرة خاصة بالأسر تم من خلالها تفعيل اتفاقيات الشراكة الأسرية، وهذه المبادرة تحت مسمى «ننهل»، والتي تركز على الانتقال بالأسرة من كونها متلقية للخدمات إلى مشارِكة فاعِلة في تقديم الخدمة للطفل، بل ولتتخطاها إلى أن تصبح الأسرة متخذة قرارٍ وناقلة للخبرة إلى الأسر الأخرى، وهو ما يحاكي أفضل مستويات ممارسات الخدمة العالمية في مجال التدخل المبكر، ويتلخص الهدف من المبادرة «ننهل» في أن تصبح الأسر مسلحة بالمعلومات النظرية وتجارب تدريب الأطفال، وتحسين قدراتهم في جميع المجالات النمائية، واستفاد من هذه المبادرة منذ انطلاقتها منذ عامين، أكثر من 75 أسرة، وكان لهذه المبادرة تأثير مختلف وأهمية و فائدة كبيرة؛ نظراً للظروف المستجدة، ولهذا قمنا بتفعيلها عن بعد.


دعم الاحتياجات


يضيف فوزي عن أهمية دور المبادرة في خدمة الأسر وأطفالها لمواجهة تحديات «كورونا»: خلال المرحلة الحالية عقب انتشار الفيروس، كان هناك اهتمام كبير بدعم احتياجات الأسر، ولم نكتفِ فقط بالجلسات المباشرة للأسر والأطفال عبر التواصل المرئي، بل تخطيناها إلى تقديم الدعم النفسي والمالي والاجتماعي والتدريبي على استخدام التقنيات الحديثة، مما انعكس بشكل إيجابي على تحسين قدرات الأطفال، كذلك أصدرنا العديد من النشرات التوعوية والتثقيفية للأسر والأطفال؛ لتوعيتهم عن كيفية مواجهة وحماية أنفسهم من العدوي، وأنتجنا «فيلماً كرتونياً» يقدم معلومات تعريفية حول «كورونا»، وكيفية الوقاية من الإصابة يتناسب مع الأطفال.
وعلاوة على ذلك أنتجت العديد من الأفلام التثقيفية والتدريبية، والتي ساهمت بشكل مباشر في تمكين الأسر، ورفع مهاراتها في عملية تدريب الأطفال، وأظهر أولياء الأمور تعاوناً كبيراً وملحوظاً، وبذلوا جهوداً رائعة خلال هذه الفترة الحرجة.


تأقلم وتطوير مهارات


تشاركنا ليلى حسين، ربة بيت، ومن أولياء الأمور المشاركين بالمبادرة، تجربتها مع ابنها محمد، وحجم استفادتها من برنامج الدعم بالمركز، وتقول: ابني محمد أحمد عمره 3 سنوات ونصف السنة، وهو من ذوي الإعاقة «متلازمة داون»، وفي بداية انتشار «كورونا» كان الأمر صعباً جداً عليه؛ لأنه كان قد اعتاد على حضوره في مركز التدخل المبكر، وتأقلم بسهولة مع زملائه ومعلماته؛ بسبب النشاطات التي كان يقوم بها ويشاركها مع بقية الأطفال، ويستمتع بها تحت إشراف المعلمات. ولهذا واجه صعوبة مع تفهم فكره عدم الذهاب للمركز، وضرورة التواجد بالبيت لفترات طويلة بسبب انتشار الجائحة، ولهذا رفض تماماً التفاعل معي أو مع إخوته، أو ممارسة الأنشطة مهما حاولنا تشجيعه على ذلك.
تضيف: لجأت إلى مركز التدخل المبكر، وشاركت في مبادرة «ننهل»، التي أفادتني كثيراً في التعامل مع ابني ومواجهة بعض التصرفات التي تصدر منه.
يؤكد خلدون أحمد والد الطفلة رقية (5 سنوات) من ذوي الإعاقة «متلازمة داون»، على حجم استفادته من المبادرة، ويقول: «منذ أن توقف تردد أطفالنا إلى مركز التدخل واجهنا صعوبة كبيرة في تحفيز رقية وتشجيعها على تأدية التدريبات، وكانت تفتقد تواصلها المباشر مع المعلمة بالمركز كما تعودت، وفقدت حماسها تماماً للخضوع للتدريبات والمشاركة بها معنا، ولذلك سارعت للانضمام بالبرنامج التدريبي للمبادرة، وبالفعل كانت الاستفادة مميزة، وساعدتني على التعامل مع رقية، وبفضل الله نجحنا في تحقيق نتيجة جيدة وتطور ملحوظ في استجابتها للتدريبات».
تشاركنا عبير نبيل، والدة رقية خلدون، وتقول: تعلمنا أساليب مبتكرة للتعامل مع طفلتنا رقية، ونجحنا في السيطرة على بعض السلوكيات السلبية التي كانت تعانيها مثل العند، ونجحنا في تحويل اللغة الاستقبالية عند رقية إلى لغة تعبيرية، وأصبح التواصل والتفاهم بيننا أفضل من السابق.
أما نورهان محمود، مساعد معلمة تربية خاصة، فتتحدث عن تجربتها مع ابنة أخيها الطفلة ريم طارق (4 سنوات ونصف السنة)، ومن ذوي الإعاقة فئة «اضطراب طيف التوحد»، وتقول: «بعد المشاركة بالمبادرة تغيرت حياتي تماماً، ليس فقط بسبب قدرتي على مساعدة ابنة أخي ريم وتطوير مهاراتها، بل أعطتني المبادرة الحافز لدراسة مجال التربية الخاصة بجامعة عجمان، وعلمتني المبادرة كيفية التواصل مع الأطفال من ذوي الإعاقة، واكتساب ثقتهم، وتحفيز حواسهم بالعمل، ورفع مهاراتهم. بجانب قدرتي على تحسين علاقتي مع أولادي، وفهمت أكثر صعوبات التعلم. فهذا البرنامج كان حلقة وصل بين أولياء الأمور وأبنائهم، كما رفع البرنامج التدريبي من قدرات ريم وتطورت مهاراتها في اللعب والرسم والتلوين وترديد الأغاني وزيادة التركيز والانتباه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"