«السنع».. أسلوب حياة

02:21 صباحا
قراءة دقيقتين
الشارقة: أمل سرور

عندما نتحدث عن البيوت الإماراتية فلا يمكن ألا نتطرق إلى «السنع» وهي كلمة تعني طال وارتفع، وجمل وحسن، و«السنع» مفردة من مفردات اللهجة المحلية في مجتمع الإمارات، وترتبط بالدرجة الأولى بالتربية وحسن الأخلاق، ويعدّ السنع سلوكاً يومياً، وأسلوباً يملك الرقي والتهذيب في أساليب التعامل مع الآخرين.
تتعدّد أنواع السنع في الإمارات وتتشعّب، فإذا رغبت بتعلمها عليك التأني والتركيز، فقد تراها معقّدة في البداية، لكن ما إن تبدأ بمراقبة هذه العادات في تصرفات الإماراتيين خاصة في بيوتهم، حتى تدرك أهميتها وجمال اتّباعها لما لها من أثر في تماسك المجتمع وإضفاء روح الاحترام في نفوس الجميع.
إذن البداية من عند مجلس الضيوف، وهو المكان الذي يستقبل فيه صاحب البيت ضيوفه وزوّاره؛ إذ يأمر بتقديم القهوة لضيوفه، والقهوة في هذه الحال تعني تقديم الطعام والشراب للضيف، أو ما يُسمى «بالفوالة» إضافة إلى القهوة. وإذا كان الزائر على عجلة من أمره، أو أراد الاعتذار، يكتفي رب البيت بجلب «دلة» للقهوة فقط، غير أنه من النادر عند أهل الإمارات، وهم الذين عرفوا دائماً بكرمهم وحسن ضيافتهم، النزول عند رغبة الضيف، إذا اعتذر عن تناول الطعام والشراب فيوافقونه ظاهراً ثم يقدمون له التمر، ثم دلة القهوة، ومن ثم الطعام، وتقدم القهوة في فناجين يديرها الساقي على الجالسين بيده اليمنى، وفي يسراه «الدلة»، فيبدأ بالزائر أولاً، إلّا إذا كان من بين الحضور من هو أجل منه قدراً، فيقدم عليه أو يقدمه الزائر على نفسه.
والشيء الأساسي الذي تتضمنه مراسيم الضيافة الكريمة عند أهل البيت هو عبارات الترحاب والبهجة بلقاء الضيوف، وإبداء السعادة بالزيارة التي قاموا بها وشكرهم الجزيل عليها، ويعد البخور والعطور من عادات الزيارة والضيافة عند أهل الإمارات منذ القدم.
والحديث يطول عن الولائم في المناسبات الاجتماعية والمناسبات العامة أو عند وفود ضيف عزيز، ولكن الأكيد والثابت هو وجود عدد من قواعد «إتيكيت» الطعام الواجب الالتزام به، حيث على المضيف أن يقدم الضيف إلى الوليمة وألا يبدأ بالأكل قبل الضيف، ويعرف الضيف أنه بإمكانه البدء بالأكل عندما يقول المضيف «سمواً»، أيضاً من العادات البدوية الأصيلة ألا يأكل المضيف مع الضيف؛ بل ينتظر إلى حين أن يفرغ.
وللمرأة دور كبير في السنع، فطالما ربت الرجال المحملين بالشيم الكريمة ومكارم الأخلاق. ويضرب السنع الإماراتي الكثير من الأمثلة لفتيات تربين على الأصول والقيم الإماراتية، وكن لإخوانهم نعم السند، الفتيات تعلمن من أمهاتهن إلى جانب الأعمال المنزلية وصب القهوة، شيم العفة وتحمل المسؤولية، وهو ما يؤهلهن منذ طفولتهن بأن يكن أمهات بمعنى الكلمة.
ولم تقتصر أهمية السنع في البيوت الإماراتية؛ بل انعكس ذلك على التعليم؛ حيث كان المتعلم يحترم المطوع في الكتاب، ويحرص الأهل على أن يحفظ الأبناء القرآن وتعلم القراءة والكتابة. وكان لدى الآباء حكمة كبيرة في التعامل مع الابن المهمل المتقاعس، بتركه للمطوع الذي كان يتمتع بشخصية قوية في المجتمع؛ إذ كان يعدل السلوكات التي تظهر على تلاميذه بالتعاون مع الأهل، وكانوا يقولون له هذا ولدنا علمه وسلمنا عيونه وكسر ريوله.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"