«كـورونا»..مخرجات علمية تحدد ملامح المستقبل

01:33 صباحا
قراءة 5 دقائق
إعداد: خنساء الزبير

يبدو أن جائحة كورونا سوف تلازم العالم لوقت لا يمكن تحديده الآن، كما أن العقاقير واللقاحات ما زالت قيد التجارب والتعديل؛ لذلك يجب التعامل مع الوباء بنوع من التعايش حتى تمر الأزمة بسلام.
خرجت الدراسات العلمية بمخرجات تعطي استنارة حول كيفية انتشار الفيروس وتفيد في كيفية الحد من انتشاره؛ وربما تحدد ملامح الحياة خلال الأوقات القادمة، والتي سوف تلازمها بعض الإجراءات الاحترازية التي لا يُستبعد أن تصبح فيما بعد عادات حياتية.
مع استمرار انتشار الجائحة في جميع أنحاء العالم يتم تخفيف قيود السفر جواً ببطء في بعض الدول خوفاً من انتشار الفيروس، وهو إجراء تم اتخاذه مع بداية الجائحة. يُظهر تقرير جديد نشرته المجلة الصادرة عن الجمعية الطبية الأمريكية، أن فيروس كورونا يمكن أن ينتشر بين الركاب على الرحلات الدولية ما لم يتم اتخاذ الاحتياطات المناسبة.
خرجت تلك النتائج بعد تقارير أحداث عدوى بإحدى الرحلات الجوية المتجهة إلى أوروبا، التي كان على متنها 102 مسافر. كان من بين الركاب فوج سياحي مؤلف من 24 عضواً، خالطوا قبل أسبوع من الرحلة مدير فندق تم تشخيصه لاحقاً بـ«كوفيد- 19»، لم يتم تشخيص إصابة أي من السائحين بالعدوى قبل الرحلة ولم يرتد أي منهم أقنعة أو اتخذ تدابير احترازية أخرى؛ واستغرقت الرحلة أكثر من 4.5 ساعة.


اللعاب والمسحة متساويان


يسهم تطــــــوير طرق الحصول عــــــلى العينات وتشخيص «كوفيد- 19» في تسريع اتخاذ القرار والتدخل العلاجي فــــــي الوقت المناسب، كما يحد من انتشار الفيروس عن طريق الكشف عن الإصابات في وقت مبكر.
ووفقاً لدراسة جديدة أجرتها جامعة يوتا، وتعد من أكبر دراسات المقارنات بين أنواع العينات، فإن اللعاب الذي يتم جمعه ذاتياً ومسحات الأنف العميقة التي يتم جمعها بواسطة مقدمي الرعاية الصحية فعالين بذات الدرجة في الكشف عن فيروس كورونا المستجد.
وجد الباحثون أيضاً أن العينات التي يتم جمعها ذاتياً من مقدمة الأنف أقل فاعلية من مسحات الأنف العميقة للكشف عن الفيروسات. دفعت هذه النتيجة إلى دراسة لاحقة لم تُنشر بعد، علم فيها الباحثون أنه يمكنهم تحسين حساسية اختبار مسحة الأنف الأمامية إلى 98% عن طريق الجمع بين مسحة الأنف الأمامية ومسحة مأخوذة من مؤخرة الحلق.


حليب الأم


منذ بداية الجائحة أثار العلماء مخاوف من أن فيروس كورونا يمكن أن ينتقل إلى الأطفال المولودين لأمهات مصابات عن طريق لبن الأم. تواجه هؤلاء الأمهات نتيجة لذلك نصائح متضاربة بشأن الرضاعة الطبيعية؛ حيث تنصحهم العديد من المنظمات بمواصلة الرضاعة الطبيعية طالما أنهم يلتزمون بالاحتياطات لمنع انتشار الرذاذ التنفسي.
أشارت دراسات إلى أن حليب الأم بيئة غير مؤهلة لتكاثر الفيروس ولا يكون مصدراً لعدوى الرضع، بينما وجدت دراسة أخرى الرنا الميكروي في بعض عينات حليب الأمهات، وأوصت بناء على ذلك بضرورة البسترة.
أظهرت دراسة حديثة، أن بروتين مصل اللبن في لبن الأم البشري يمنع بكفاءة الإصابة بالفيروس ويحول دون تكاثره فيه. ويحتوي الحليب بوفرة على عدد من العناصر المفيدة مثل البروتينات والمعادن والفيتامينات والمركبات المضادة للميكروبات. ويعتبر معادياً لنشاط الفيروسات مثل فيروس التهاب الكبد والفيروس المضخم للخلايا البشري وفيروس نقص المناعة البشرية. ويثبط اللاكتوفيرين بالحليب تكاثر بعض الفيروسات.


جو المنزل


يبدو أن انتقال فيروس كورونا المحمول جواً عبر جزيئات الهباء الجوي في البيئة الداخلية يتأثر بشدة بالرطوبة النسبية. هذا هو الاستنتاج الذي توصل إليه باحثون من معهد لايبنيز لأبحاث التروبوسفيرفي لايبزيغ، والمختبر الفيزيائي الوطني في نيودلهي؛ وذلك بعد تحليل 10 دراسات دولية ذات صلة بالموضوع. لذلك يوصون بالتحكم في الهواء الداخلي، إضافة إلى التدابير المعتادة مثل التباعد الاجتماعي والأقنعة.
يمكن أن تقلل الرطوبة النسبية من انتشار الفيروس وامتصاصه داخل غشاء الأنف بنسبة تتراوح ما بين 40% إلى 60% وامتصاصها. لاحتواء الوباء
يرى العماء، من خلال ما كتبوه في مجلة «أبحاث الهباء الجوي وجودة الهواء»، أن من المهم للغاية تطبيق معايير لرطوبة الهواء الداخلي في الغرف التي تضم العديد من الأشخاص، مثل المستشفيات والمكاتب ووسائل النقل العام


اضطراب الأكل


تتكشف من حين لآخر آثار فيروس كورونا بالجسم وإصابة الشخص بمرض «كوفيد- 19»، وبحسب دراسة حديثة، فإن من يعانون اضطرابات الأكل يكون 9 من بين كل 10 منهم عرضة بدرجة كبيرة للآثار السيئة الناجمة عن ذلك المرض.
وتشير الأبحاث السابقة إلى أن الاضطرابات في الحياة اليومية نتيجة الإغلاق والتباعد الاجتماعي قد يكون لها تأثير ضار على الحالة العامة للشخص.
قامت تلك الدراسة بعد دعوات من المجتمع العلمي للتحقيق في عواقب الوباء على الصحة العقلية للفئات الضعيفة، مثل كبار السن وذوي الحالات الصحية العقلية الخطِرة، بما في ذلك أولئك الذين يعانون اضطرابات الأكل.


عقاقير خفض الدم


تظهر البيانات، أن الحالات الأكثر خطراً من «كوفيد- 19» تحدث وسط كبار السن، ومن يعانون ضعفاً في جهاز المناعة، ومن يعانون الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم، والسكري، وأمراض الكلى، ومشاكل القلب، وأمراض الرئة، وأمراض أخرى.
ربطت الدراسات السابقة أيضاً بين ارتفاع ضغط الدم وحدة الإصابة بفيروس كورونا، ووجدت دراسة جديدة أجراها باحثون في كلية طب نورويتش التابعة لجامعة إيست أنجليا، أن خطر الإصابة بالحالات الشديدة والوفاة قد انخفض بالنسبة للمرضى الذين يعانون ارتفاع ضغط الدم المستخدمين مثبطات «الإنزيم المحول للأنجيوتنسين» أو «حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين».
ولاحظ فريق البحث من خلال الدراسة الحالية التي نُشرت بمجلة «تقارير تصلب الشرايين الحالية»، أن عقاقير ضغط الدم تحسن معدلات البقاء على قيد الحياة وسط مرضى «كوفيد- 19» المصابين بارتفاع ضغط الدم؛ وهي نتائج تناقض الأبحاث السابقة التي تظهر أن تلك العقاقير يمكن أن تزيد المرض سوءاً.


المرونة تقي الاكتئاب أثناء الأوبئة


عندما يتعلق الأمر بالقلق بشأن الجائحة الحالية، فإن دراسة جديدة نشرتها مجلة «علم النفس الانتقالي»، تظهر أن الناس أكثر قلقهم يكون بشأن ما إذا كان أفراد عائلاتهم يمكن أن يصابوا بالفيروس، وما إذا كانوا ينشرون الفيروس عن غير قصد؛ وهو ما يفوق قلقهم بشأن الإصابة في حد ذاتها.
وجدت تلك الدراسة أيضاً، التي أجراها باحثون من كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا بالتعاون مع آخرين، كيف أن زيادة المرونة تساعد على تقليل معدلات القلق والاكتئاب أثناء انتشار الأوبئة.
لم يؤثر الوباء في الصحة البدنية للأشخاص فحسب؛ بل أثر أيضاً في صحتهم العقلية. يتطلب التعامل مع هذه الآثار العقلية المرونة والقدرة على التكيف في مواجهة الشدائد.
وتبين من البحث أن المشاركين الذين حصلوا على درجات أعلى في تقييم المرونة كانت لديهم مخاوف أقل تتعلق بـ«كوفيد- 19»، فضلاً عن انخفاض معدل القلق (65%) والاكتئاب (69%) وسط العاملين في مجال الرعاية الصحية وغير العاملين في تلك المجالات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"