سرطان المستقيم.. عوامل وراثية ودلالات مرضية

تحقيق: راندا جرجس

يسمى الجزء الأخير من الأمعاء الغليظة بالمستقيم، وهو أنبوب عضلي طوله 15 سم، يحتوي على أعصاب حسية، وظيفتها إرسال إشارات للدماغ؛ للتحكم في خروج فضلات الطعام من الجسم، وهناك بعض المشكلات التي يمكن أن تستهدف المستقيم؛ نتيجة العامل الوراثي أو نمط الحياة غير الصحي، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالسرطان الذي يصيب الجنسين بنسبة 55% بين الرجال، 45% عند النساء، ويعد ظهور دم مع البراز مؤشراً مهماً في وجود خلايا سرطانية، وتعد عملية استئصال المستقيم بشكل كامل من الإجراءات الصعبة والمعقدة؛ ولذلك يعتمد العلاج على الأدوية الكيميائية والإشعاع قبل وبعد استئصال المنطقة المصابة؛ لتقليل فرصة رجوع الأورام الخبيثة مرة أخرى، والحد من انتشارها لباقي أعضاء الجسم.

يقول الدكتور عمرو حسن استشاري أمراض الدم والأورام: إن المستقيم يقع بين القولون السيني والقبة الشرجية، وهي جزء من الأمعاء الغليظة، وتتمثل وظيفته في أنه يعد خزاناً للبراز، وله أعصاب حسية يتم تنشيطها بمجرد وجود البراز أو الغازات، ويتم إرسال الإشارة إلى الدماغ؛ للسماح للجسم بإخراج محتواه، وهناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بسرطان المستقيم، أبرزها: التاريخ العائلي، العوامل الغذائية، نمط الحياة غير المستقر، داء السكرى، البدانة، التدخين، وتناول الكحوليات، التعرض للعلاج الإشعاعي لأورام القولون، وخاصة الموجه إلى منطقة البطن.

فئة مستهدفة

يوضح د.عمرو أن هناك فئة مستهدفة أكثر من غيرها بالإصابة بسرطان المستقيم؛ نتيجة تعرضهم لبعض العوامل التي تتمثل في تقدم العمر، التهاب الأمعاء، المصابات بسرطان الثدي أو أحد الأورام النسائية، وتناول الدهون ونسبة عالية من البروتين، ومن لديهم نظام غذائي منخفض، وتجدر الإشارة إلى أن المشاكل المرضية الشائعة التي تصيب المستقيم تشمل: متلازمة القولون المتهيج، الإمساك، الإسهال، البواسير، السرطان القولوني المستقيمي، الأورام الحميدة.

أعراض وتشخيص

يذكر الدكتور سدير الراوي استشاري الجراحة والأمراض السرطانية، أن المستقيم هو آخر 15 سم من الجزء النهائي من القولون، وتظهر الإصابة بسرطان المستقيم على شكل ‏خروج الدم مع الغائط، وتغيير في طبيعة البراز يومياً، ويتم ‏التشخيص بصورة واضحة عن طريق الفحص السريري، وعمل صور الأشعة فوق الصوتية والمقطعية والرنين، ويمكن استخدام أداة المنظار في المراحل الأخيرة.

مخاطر متعددة

يشير د.سدير إلى أن الشخص المصاب بسرطان المستقيم يتعرض إلى العديد من المضاعفات التي تحدث بحسب مرحلة الإصابة، وتبدأ بفقدان الدم ونقص الوزن مع عدم الشهية والشعور بالضعف العام، ومع تفاقم الحالة يمكن أن يوجد انسداد في الأمعاء وعصابة الأعضاء المحيطة كالمثانة، الرحم، ‏والبروستاتا، وفي المراحل المتقدمة ينتشر الورم لأعضاء الجسم ومنها الغدد اللمفاوية والكبد.

‏خطة الشفاء

يؤكد د.سدير أن معظم الحالات المصابة بسرطان المستقيم يمكن السيطرة عليها، في حال إجراء عملية التنظير عن طريق البطن، ويعد العلاج الكيمياوي والإشعاعي قبل العملية وبعدها من أساسيات التعامل في العلاج، ويتم اتخاذ هذا القرار اعتماداً على آراء مجموعة من الأطباء المختصين، وتعد نسبة الشفاء عالية، وتراوح من 70% إلى 80% في حال ذهاب المريض فور ظهور الأعراض، والتشخيص في مرحلة بدائية ومبكرة.

عدوى الالتهاب

يذكر الدكتور جواروف ديدي أخصائي الجهاز الهضمي، أن المستقيم أنبوب عضلي في الجزء السفلي من القولون تمر من خلاله فضلات الطعام للخروج من الجسم، ويمكن أن تصاب بطانة المستقيم ببعض المشكلات المرضية مثل الالتهابات التي تحدث نتيجة لعدوى مرتبطة بالطعام أو الماء مثل السالمونيلا، أو تكون ناجمة عن مرض الأمعاء الالتهابي، أو داء كورون، التهاب القولون التقرحي، كما يمكن أن يتسبب تناول المضادات الحيوية المستخدمة لعلاج العدوى في قتل البكتيريا الجيدة في الأمعاء، ما يسمح بنمو البكتيريا الضارة في المستقيم، إضافة إلى بعض العوامل الأخرى كالعلاج الإشعاعي للسرطان الموجه إلى المناطق المجاورة مثل البروستاتا، أو الحساسية تجاه الحليب أو بعض البروتينات الغذائية وتكون سبباً عادة في إصابة الأطفال بالتهاب مستقيم الأطفال.

علامات الإصابة

يبين د. جواروف أن علامات وأعراض التهاب المستقيم؛ تتمثل في الشعور المتكرر بألم في الجانب الأيسر من البطن، وخاصة مع حركة الأمعاء، الإسهال، الإحساس بامتلاء المستقيم، ووجود نزيف.
ويتم تشخيص هذه الحالة عن طريق اختبارات متعددة مثل: فحص الدم الشامل للبحث عن سبب العدوى أو مؤشرات فقدان الدم، واختبار البراز؛ للبحث عن الالتهابات، إضافة إلى التنظير الداخــــلي وهو فحص القولون بواسطة كاميرا، أما التنظير السيني فيتم استخدامه للجــــــزء السفلي مــن القــــولون، وفي بعض الحالات يلجأ الطبيب إلى التنظير الكامل، وتعد هذه أفضل طريقة لتشخيص التهاب المستقيم، ويمكن أخذ خزعة أو عينة أثناء وجود المنظار بداخل القولون، وإرسالها إلى المختبر.
مضاعفات العدوى
يشير د. جواروف إلى أن عدم التدخل المبكر لعلاج التهاب المستقيم يمكن أن يعرض المريض للعديد من المضاعفات والمخاطر التي تؤثر سلباً في صحته وتتمثل في:
* فقر الدم أو الأنيميا التي تحدث بسبب النزيف المزمن من المستقيم.
* قرحة المعدة؛ حيث إن الالتهاب المزمن ينجم عنه تقرحات مفتوحة على البطانة الداخلية للمستقيم.
* في بعض الأحيان تمتد القرح بالكامل عبر جدار الأمعاء، متسببة في الإصابة بالناسور، وهو اتصال غير طبيعي يمكن أن يحدث بين أجزاء مختلفة من الأمعاء، أو مع الجلد أو الأعضاء الأخرى مثل المثانة البولية.
* الأنتان أو انتشار العدوى في الجسم كله.

تدابير علاجية

يؤكد د. جواروف أن علاج التهاب المستقيم يعتمد على سبب العدوى، وتبدأ الخطة الشفائية باستخدام المضادات الحيوية أو مضادات الفيروسات بحسب نوع الإصابة؛ حيث يمكن علاج مرض التهاب الأمعاء الالتهابي أو التهاب القولون التقرحي أو داء كرون بأنواع متعددة من العقاقير التي تؤخذ عن طريق الفم، أو التحاميل أو الحقن الشرجية.
يضيف: ربما تحتاج بعض الحالات التي لا تستجيب وتتحسن مع الأدوية إلى عوامل بيولوجية كالحقن للسيطرة على المرض، وهناك أنواع من التهاب المستقيم تحتاج إلى التدخل الجراحي؛ نظراً لعدم التحكم فيها بالأدوية، كما يحتاج التهاب المستقيم الإشعاعي إلى العلاج بالمنظار مثل (تخثر الأرجون البلازمي) لتدمير الأنسجة غير الطبيعية التي تتسبب في حدوث نزيف مستمر وتعرض المريض للخطر.

متلازمة القولون المتهيج

تعتبر متلازمة الأمعاء المتهيجة من الاضطرابات الشائعة التي تصيب نسبة كبيرة من الأشخاص، وتظهر أعراضها على شكل تقلصات وآلام في الناحية اليسرى من البطن وانتفاخ في المعدة، إسهال أو إمساك، وتعتبر من المشكلات المرضية المزمنة التي تحتاج إلى العلاج على المدى الطويل، وربما يتعرض المصاب لوجود نزيف مع البراز، وتتمثل أسباب الإصابة بهذه المتلازمة في عدم الالتزام بالنظام الصحي في الطعام وتناول كميات من الشيكولاتة والحليب والمشروبات الغازية، بالإضافة إلى التوتر والإجهاد النفسى، ويعتمد علاج هذه الحالة على السيطرة على الأعراض الخفيفة، والتركيز على تناول الأطعمة الغنية بالألياف والابتعاد عن المأكولات المسببة للغازات، وشرب الكثير من الماء والسوائل، أما الحالات المزمنة فهي تحتاج إلى علاج المدى الطويل.