القاهرة..نهضة التعليم (2)

02:47 صباحا
قراءة 3 دقائق

عُرفت القاهرة منذ تأسيسها بمكانتها العلمية المتميزة. فموقعها كحلقة وصل بين الشرق والغرب جعل منها مركزاً مهماً. كما تميزت أيضا بوجود العديد من المدارس.
يقول عبدالرحمن زكي في موسوعة «القاهرة في ألف عام»: استمر سلاطين الدولة الأيوبية في بناء المدارس، فكانت هناك المدرسة الكاملية «دار الحديث»، وهي المدرسة التي أنشأها السلطان الملك الكامل محمد الأيوبي. وتعتبر الدار الثانية في الترتيب بين الدور التي تخصصت في الشرق الإسلامي لدراسة الحديث. أما الدار الأولى فهي التي بناها نور الدين زنكي بدمشق. وهناك المدرسة الصالحية التي بناها الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1242م، وكانت أشبه شيء بجامعة كبرى ذات كليات أربع تختص كل واحدة منها بمذهب من المذاهب الأربعة المعروفة. وكانت هناك المدرسة الفاضلية نسبة إلى القاضي الفاضل، بناها عام 1185م. ولهذه المدرسة شهرة في التاريخ، ومرجع ذلك إلى المكتبة العظيمة التي ألحقها القاضي الفاضل بها وجمع فيها من كتب العصر الفاطمي وحده مئة ألف مجلد. وكذلك مدرسة الظاهر بيبرس التي أسسها عام 1262 م وزودها بمكتبة هائلة، وجعلها تعنى بسائر العلوم، ووقف عليها أوقافاً عظيمة. وأسس الظاهر مدرسته هذه على نمط المدارس الأيوبية ولم يكتفِ بها، بل بنى بجوارها مكتباً لتعليم القراءة والكتابة ليتامى أبناء المسلمين.


مخطوطات نادرة


لعل أكثر المراكز العلمية شهرة بالقاهرة دار الحكمة التي أمر الحاكم بأمر الله الفاطمي بإنشائها عام 1005م، وأراد لها أن تكون أفضل من بيت الحكمة ببغداد. وزود الحاكم هذه الدار بمكتبة عرفت باسم دار العلم وحُملت إليها الكتب من خزائن القصور ومن مصادر متعددة. فكانت فيها كتب نفيسة ومخطوطات نادرة في الدين والآداب والعلوم بفروعها المتعددة، كما أمدها الحاكم بأمر الله بكل مستلزمات النساخين من أقلام ومحابر وورق. وأقيم لها قوام وخدام وفراشون وغيرهم. وكانت دار الحكمة تزخر دائماً بالفقهاء والقراء والنحاة والفلكيين والأطباء.
اشتهر من أبناء القاهرة علماء أجلاء في مختلف العلوم، ففي العلوم الشرعية اشتهر الإمام الشافعي صاحب أحد أكبر المذاهب الفقهية عند أهل السنة، والليث بن سعد بن عبدالرحمن الفهمي الفقيه إمام أهل مصر في عصره، وأبوالقاسم عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالحكم مؤرخ من أهل العلم بالحديث.
ومن علماء اللغة اشتهر جلال الدين السيوطي وكان من علماء اللغة والشريعة ألّف في الفقه والتفسير وعلوم القرآن والحديث، ومحمد بن جلال الدين مكرم بن نجيب الدين المعروف بابن منظور صاحب معجم «لسان العرب»، وأبوالفضل محمد بن عبدالرازق الزبيدي صاحب معجم «تاج العروس». ومن المؤرخين أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي، وأبو محمد عبدالله بن يوسف الأنصاري الشهير بابن هشام. كما اشتهر من الأطباء داوود الأنطاكي وهو صيدلاني وطبيب ولد في أنطاكية بسوريا واستقر في القاهرة، وموفق الدين أبونصر عدنان بن نصر بن منصور الشهير بابن العين الزربي الطبيب وعالم النجوم والرياضيات والمنطق. وأبوالمنصور عبدالله بن الشيخ السديد وكان عالماً بالطب.
اشتهر فيها من الرياضيين أبوعلي الحسن بن الهيثم عالم الفيزياء والبصريات والرياضيات، وكان مولده البصرة ثم هاجر إلى القاهرة وعاش فيها. ومن الفلكيين أبوالحسن علي بن عبدالرحمن بن يونس. ومن الكيميائيين علي بن محمد أيدمر الجلدكي وكان يتنقل بين مصر ودمشق وألّف بعض كتبه في القاهرة والبعض الآخر في دمشق.


الجامع الأزهر


اشتهرت القاهرة على مر العصور بالعديد من المساجد. فهي أول مدينة دخلها الإسلام في إفريقيا. وكان الاهتمام المتزايد بإنشاء المساجد فيها لدرجة أنه أطلق عليها مدينة الألف مئذنة. وخلّف الملوك والأمراء الذين تعاقبوا على حكم مصر العديد من المساجد التي لا يزال الكثير منها موجوداً حتى الآن. ومن المعالم الأثرية والحضارية الباقية أيضاً الجامع الأزهر ويرجع تاريخ بنائه إلى سنة 359-361 ه /‏‏‏ 970 -972م.
وأمر ببنائه المعز لدين الله الفاطمي، وشُيّد على طراز قريب من طراز جامع ابن طولون. ويعد من أهم معالم الفاطميين الباقية حتى اليوم، وأول عمل فني معماري أقامه الفاطميون في مصر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"