من قوانين القرآن الكريم

03:08 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. رشاد محمد سالم

من المعروف أن القرآن جامع للقوانين التي يدار بها هذا الوجود، فإن كل شيء عنده سبحانه بمقدار، وكل أمر يجري على سنة وقانون. قال تعالى في سورة القمر: (إنا كل شيء خلقناه بقدر)، فمن هدي إلى هذه السنن والقوانين، وصدقها وآمن بها انحازت إليه مفاتيح هذا الوجود. وهذا هو ما نهجه سلفنا الصالح، رضوان الله عليهم.
ومن هذه القوانين: } حصن النعم: (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) أجراه الله على لسان الرجل المؤمن في سورة الكهف. قال تعالى: (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله)، وقال المصطفى، صلى الله عليه وسلم: (ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل أو مال أو ولد فيقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، فيرى فيه آفة دون الموت).
* كل عمل السوء يرتد على صاحبه فيوبقه، ومن ذلك البغي، قال تعالى في سورة يونس: (يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم)، والمكر، قال تعالى في سورة فاطر: (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله)، والنكث، قال تعالى في سورة الفتح: (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه). قال محمد بن كعب القرظي: ثلاثة من فعلهن لم ينجُ حتى ينزلن به: المكر والبغي والنكث.
ويصور الرسول، صلى الله عليه وسلم، شدة إلحاح الشر في طلب صاحبه بقوله: «إياك والمكر السيئ فإنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ولهم من الله طالب».
* وهو يتولى الصالحين: قال تعالى في سورة الكهف: (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك).
وأجدبت الأرض على عهد عمر بن الخطاب، وشكا الناس الشدة، وكان العباس حياً، فأخذ بيده وخرج ليستسقي، فقال: اللهم إن نبيك كان يستسقيك لأمته فتجيبه، وها نحن أولاء اليوم وليس من يستسقي لنا. اللهم هذا العباس عم نبيك وبقية أهله، فاحفظ نبيك الصالح في هذه البقية، فإنك قلت وقولك الحق: (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحاً)، فما لبثت السماء أن أقبلت بالمطر الغزير.
* الاستغفار مفتاح أرزاق السماء: قال تعالى في سورة نوح: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً w يرسل السماء عليكم مدراراً w
ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً). وهكذا القرآن لا تنقضي عجائبه، لكنا ابتلينا بالغفلة والشك، وحسبناه ترغيباً وترهيباً فقط، فخسرنا كل شيء، بينما سلفنا الصالح فطنوا له، فأسعفهم الله بما يريدون. عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، خرج يستسقي (يصلى صلاة الاستسقاء) فما زاد على أن راح يستغفر الله، عز وجل، ثم دعا القوم للانصراف، فتعجبوا، وقالوا: ما نراك استسقيت لنا! فقال عمر: لقد استسقيت لكم بمجاديح السماء، أي الآلة التي تنزل الماء بقوة، ثم تلا قول الله تعالى: (فقلت استغفروا ربكم ...)، وإذا بالماء ينزل بغزارة لم يألفوها من قبل.
وصدق رسول الله، صلى الله عليه وسلم، القائل: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب».

* مدير الجامعة القاسمية بالشارقة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"